Loading...
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسات بحثية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسات بحثية. إظهار كافة الرسائل

خطوات إعداد البحث العلمى

يوليو 26, 2021

 تخضع البحوث فى تصنيفها إلى عدة معايير، فإذا صنفت على أساس التخصص وطبيعة الموضوع؛ قسمت إلى بحوث اجتماعية، أو قانونية، أو علمية بحتة، ....، وإذا صنفت بحسب الهدف قسمت إلى بجوث أساسية (نظرية) وبحوث تطبيقية، وإذا صنفت بحسب المناهج (الأساليب) المستخدمة قسمت إلى بحوث تاريخية، بحوث وصفية، بحوث تجريبية، وهناك المنهج الاستقرائى الذى يستخدم فى الأبحاث المتعلقة بالعلوم الفيزيائية والرياضية؛ لما يتميز به من دقة تحليل المشكلة وأبعادها.

هذا بخلاف أنواع أخرى من البحوث مثل البحوث الأكاديمية لطلاب الدراسات العليا، وبحوث هيئة التدريس ..

وفى هذا الموضوع نتناول البحوث بحسب الهدف، والبحوث بحسب المناهج (الأساليب) باعتبارها أهم أنواع البحوث العلمية.

تُصنَّف البحوث بحسب الهدف إلى:

البحث التطبيقي

تتعلق هذه البحوث بالأغراض العلمية التى تهدف إلى تطبيق النظريات والمعارف العلمية المؤكدة بشكل مباشر وبصورة واقعية؛ من خلال تنفيذ بعض النشاطات العلمية ويستخدم هذا النوع من الأبحاث مجالات مثل الصحة والتعليم.

البحث النظرى

تهدف إلى الوصول إلى حقائق وقوانين علمية ونظريات محققة، وهو ما يهدف إلى تحقيق التنمية في المعرفة العلمية بشكل أوسع بغض النظر عن التطبيق من عدمه.


وتنقسم البحوث بحسب المناهج (الأساليب) إلى:

بحوث تاريخية وبحوث وصفية وبحوث تجريبية

1- البحث التاريخي

الهدف من هذه الأبحاث تسجيل جميع الوقائع والأحداث التي انتهت في الماضي، بالإضافة إلى تحليلها وتفسيرها وتعميمها على الحاضر؛ حتى يسهل علينا فهم الأحداث المعاصرة، وقد ينتج عنه التنبؤ بأحداث المستقبل.

2- البحث الوصفي

يستخدم هذا النوع من الأبحاث فى وصف الأحداث أو الظواهر المتعلقة بموضوع معين، لذلك فهو مرتبط بالعلوم الاجتماعية، التى تدرس ظاهرة معينة تحتاج إلى وصف الظروف التي لها علاقة بهذه الظاهرة بشيء من التفصيل. ومن ثم جمع الحقائق في البداية، ووضع تقارير أو نتائج نهائية كاشفة تساهم فى اتخاذ القرار المناسب.

3- البحث التجريبي

يقوم هذا النوع من أنواع البحث العلمي على التجريب والملاحظة ووضع الفروض العلمية، والتحقق من مدى صدقها والعمل على ضبط كل المتغيرات.

خطة البحث

هى مقترح يستعرض فيه الباحث العناصر اللازمة لتحقيق الغرض من البحث من خلال خطوات منظمة. وتعتبر خطة البحث من أهم مراحل إعداد البحث وتوجيهه، لذلك فإنها تحتاج إلى الكثير من الجهد والتجهيز.

وتشمل أهداف خطة البحث على:

- وصف إجراءات تنفيذ الدراسة ومتطلباتها.

- توجيه خطوات الدراسة ومراحل تنفيذها.

- وضع إطار تقييم وتقويم الدراسة بعد انتهائها.

خطوات إعداد البحث العلمي

ليس فينا من لم يتبع خطوات البحث العلمى يوما ما، فجميعنا اتبعها دون إرادة منه وهو فى طريقه إلى اكتشاف الأشياء وطبيعة الأمور من حوله عندما كان طفلا يسعى بفطرة خالصة إلى تكوين خبراته ومعارفه الأولية، فكلنا جرب، وكلنا تساءل، وكلنا توصل إلى نتائج..

فتحديد مشكلة البحث يأتى من التساؤل:

فكيف، ومتى، وأين، ولماذا، وماذا، وكيف؟ كلها أسئلة عادة ما تكون فى أغلبها نقطة البداية لمعظم الاكتشافات الجديدة، فطريق البحث يبدأ بسؤال، وهو فى البحث العلمى "مشكلة البحث" ..ربما كان عن شيء نريد له تفسيرا، أو مشكلة نريد لها حلاً.. غير أن خصوصية السؤال فى البحث العلمى تأتى من كونه سؤالاً يصلح لأن يكون منطلقا لبحثٍ علمي؛ ينتظر منه الإتيان بإضافة جديدة، وليس مجرد سؤال، فتحديد الفكرة التي نريد العمل عليها، أو المشكلة التي نسعى لإيجاد حلٍ لها، أيا كان نوعها، يتطلب أن يكون السؤال المطروح شيئًا قابلًا للقياس.

المقدمة

المقدمة من أساسيات البحث، ولها من الأهمية ما يفوق نسبة ما تمثله من أوراقه، فهى مرآة البحث وعنوان محتواه، ويجب أن تضمن على تعريف واضح بالبحث ومشكلته ونمهجه، ولابد وأن تكون مختصرة فى كلماتها غنية بمضمونها، وتأجيل كتابة المقدمة حتى الانتهاء من البحث من الأمور المستحسنة؛ حتى يتسنى للباحث أن يعرض فكرته بوضوح وإلمام.

ذكر أهداف البحث

لا شك أن ذكر أهداف البحث هو بيت القصيد الذى يبين الهدف من هذا البحث.

فرضيات وتساؤلات البحث العلمي

عادة ما تُستخدم الفرضيات في الأبحاث العلمية، بينما تُستخدم التساؤلات في الأبحاث الاجتماعية، وكلاهما تكهن مدروس. ومن ثم يبدأ الباحث بافتراض إجابات لها بعد اطلاعه على ما أتيح له من معلومات، فالفرضية هي محاولة للعثور على رد للسؤال وإيجاد حل للمشكلة مع تفسير يمكن اختباره.

البحث عن المعلومات

تنقسم رحلة البحث عن المعلومات من مصادرها إلى جزأين هما:

- الكتب، المراجع، المقالات، النشرات العلمية وأقوال الخبراء بعد التأكد من مصادرها.

- عينات الدراسة التي تناسب مادة البحث.

تحليل البيانات والاستنتاجات

بانتهاء رحلة جمع البيانات أو انتهاء التجربة يقوم الباحث بجمع النتائج وتحليلها؛ للتحقق مما إذا كانت تدعم فرضيته أم لا. فإذا ما جاءت النتائج غير داعمة للفرضية المطروحة، يقوم الباحث بتسليم نتائج تجربته، ثم يعود لتعديل التجربة، أو إنشاء فرضية جديدة أو تنبؤ جديد استنادًا إلى ما لديه من معلومات توصل إليها خلال تجربته؛ بعد معرفة أسباب عدم صحتها.

صياغة البحث العلمي

تبعد أن ينتهى الباحث من تحليل بياناته وينتهى إلى نتائج يبدأ فى صياغة كل ذلك وفق ما توصل إليه من معلومات من خلال المنهج الذى يراه مناسبا لبحثه، فى أبواب وفصول ومباحث منظمة.

تلخيص النتائج

يعد تدوين النتائج والتي ينبغي أن تكون واضحة، يقوم الباحث بسرد ما توصل إليه من نتائج، وتعتبر هذه الخطوة من أهم خطوات البحث.

اقتراح التوصيات

وأخيرا يقوم الباحث بسرد ما توصل إليه من اقتراحات وحلول للمشكلة التي تناولها فى بحثه.




واقرأ أيضا: مبادئ البحث العلمي .. مفهومه وخصائصه


 مبادئ التدقيق اللغوى

مبادئ التدقيق اللغوى

يونيو 30, 2021

مَا مِنْ بَاحثٍ أو كاتبٍ غير مدركٍ أهمية التدقيق اللغوى لما يكتبه‘ سواء استعان بمدققٍ محترف أو دقّقَ عملَه بنفسه‘ فلا غنى لكاتبٍ عن إجراءِ هذا التدقيق؛ فغالبًا ما ينشغل ذهنُ الباحثِ أو الكاتب بالفكرةِ التى يسعى خلفها، ليترك وراءَه خطأ نحويًا أو إملائيًا يُعيبُ عملَه وينتقصُ مِنْه‘ وربما كان الباحثُ من أهلِ العلومِ التطبيقية، الذين تشغلهم النواحي العملية عمََّا سواها من علومٍ واهتمامات؛ فلا تكون اللغة جزءًا من أولوياته العلمية أو الشخصية؛ فعَالِمُ الكيمياءِ‘ أو متخصص البرمجيات ليس مطالبًا بأن يكون لغويًا‘ ولا يعيبه عدم تمكنه من فنون اللغة‘ لكنه ونظراءه مطالبون بضبطها، أيَّا كانت تخصصاتهم حين يكونوا فى موقع الكاتب.

وقد ينضم إلى هؤلاء عدد غير قليل من الجامعيين والموظفين الذين تتطلب أنشطتهم صياغة لبعض الأبحاث، أو التقارير أو الدراسات، هؤلاء جميعًا لابد وأن تكون اللغة أداتهم فى صياغة تلك الأعمال‘ بغض النظر عن طبيعتها وما تنتمى إليه من ألوان العلوم؛ فاللغة هي الأداة التى يُستعان بها فى توصيل الفكر – كل الفكر- أو شرحه‘ أو مناقشته‘ أو حتى مجرد عرضه.

وفى هذا القسم سوف نحاول طرح بعض الموضوعات التى كَثُرَ فيها الخطأ وشَاع، حتى اختلط علينا أمر سلامتها اللغوية، سائلين الله التوفيق فى ذلك، وأن يفتح علينا بما ينفع الناس.


<img src=”صورة قلم المدقق اللغوى.jpg” alt=”مبادئ التدقيق اللغوى “/>


- الدرس الأول:  مواضع كسر همزة إنََّ

 التدريب الميدانى .. مفهومه وأهدافه

التدريب الميدانى .. مفهومه وأهدافه

يونيو 05, 2021

المورد البشري هو المورد الأهم والمحرك الأول لقاطرة التنمية، لذا أصبح موضوع التدريب واحدا من أهم متطلبات النجاح لأى مؤسسة؛ سواء أكانت مؤسسة تعليمية يناط بها إعداد كوادر قادرة على المنافسة في سوق العمل، أم مؤسسة عاملة تعمل على ثقل قدرات عامليها ورفع كفاءتهم المهنية.

ومع التقدم التكنولوجي وتزايد أهمية المعلومات في تحسين طرق أداء العمل وجودته، بما يشتمل عليه من تقليل للوقت والكلفة ورفع جودة الأداء؛ أصبحت المنظمات مضطرة إلى التفاعل مع هذه التغيرات المتسارعة وأن تعمل على تقييم أوضاعها وأداء كوادرها، وسد مواطن الخلل في مهارات عامليها، وذلك عن طريق الأخذ بعملية التدريب، إذ تعد عملية التدريب هى الوسيلة الأمثل للهيئات والمؤسسات في إدراك الكفاءة المنشودة، والتى أصبحت مطلبا أساسيا من متطلبات العصر.

ومن هنا تنبع أهمية التدريب الذي يمثل الاستثمار طويل الأجل على مستوى الموارد البشرية في المنظمة، والتدريب الإداري فيها. وكما تلعب الجامعات والمؤسسات التعليمية دورا رئيسا في صناعة العقول وبناء الفكر، فإنه منوط بها أيضا العمل على تهيئة الجو الملائم لطلابها والعاملين بها على السواء، بما يضمن رفع مستوياتهم المعرفية، وقدراتهم الأدائية وذلك للوصول إلى أعلى مستويات الكفاءة الإدارية أو إكساب الخبرات العملية لطلابها من خلال الاحتكاك المباشر بالمشكلات المحتمل مواجهتها، ولا يقل ذلك أهمية عن التعليم النظرى، بل يؤكده وينقله من نطاق النظريات إلى نطاق الواقع العملى، وتعتمد العملية التدريبية على تحديد وبناء هذه القيمة الجوهرية التي تضمن تحقيق ذلك.

وتشير الدراسات المعاصرة، أن التدريب هو أحد الوظائف الإدارية المهمة التي تلعب دوراً مهماً في نجاح العمليتين التعليمية والإدارية على مستوى الهيئات التعليمية ومنظمات الأعمال الإنتاجية والخدمية على حد سواء، فالتدريب بوصفة وظيفة أساسية من وظائف إدارة الموارد البشرية يجعل إدارة المنظمة أكثر فاعلية في تحقيق أهدافها وخططها الاستراتيجية. إذ من خلال العملية التدريبية تستطيع المنظمة الحصول على القدرات الإدارية القيادية والتنظيمية والكوادر والمهارات البشرية الأخرى المدربة والمؤهلة لإنجاز العملية الإنتاجية على اختلاف أشكالها.

وفى هذا البحث نتناول التدريب الميدانى من حيث مفهومه، أهدافه، مراحله وأساليبه.

أولاً: مفهوم التدريب:

تعرف الأمم المتحدة عملية التدريب بأنها عملية تبادلية لتعليم وتعلم مجموعة من المعارف والأساليب المتعلقة بالحياة العملية وهو نشاط لنقل المعرفة الى الأفراد والجماعات الذين يعتقد أنهم يستفيدون منها، فالتدريب باختصار هو نقل للمعرفة وتطوير للمهارات .[1]

وفيما يلى بعض ما ورد فى هذا التعريف :

- التدريب هو عملية إكساب الخبرة، ثم صقل هذه الخبرة للوصول لمرحلة الإجادة، و ينطوي ذلك على تكرار لنفس الأداء، و لكن في كل تكرار تحدث إضافة جديدة. [2]

- وهو "عملية منظمة تهتم باكتساب قدرات معينة أو الاحتفاظ بها فالتدريب له أهمية على مستوى المجتمع والمنظمة والفرد حيث أن دور أنشطة التدريب في تنمية الموارد البشرية تتجسد أهميتها من حيث انعكاس هذه الأنشطة بالإيجاب لصالح المجتمع والمنظمة والعاملين". [3]

- "وهو عبارة عن عملية إكساب العاملين باختلاف مستوياتهم الوظيفية في المنظمة، مهارات ومعرفة جديدة تساعدهم على امتلاك القدرة على الأداء الجيد في مسيرتهم الإنتاجية في الحاضر والمستقبل، وبما يصب في مصلحة تحقيق أهداف المنظمة، إضافة الى كونه عبارة عن إجراءات منظمة، ومخطط لها، تعمل على مساعدة العاملين في التخلص من أي سلوك أو تصرف يؤدي الى رداءة أو بطء الأداء، ويتم إجراء التدريب من خلال برامج محددة بشكل دقيق، بحسب الهدف المقصود، وتقع مسؤولية التدريب على عاتق إدارة المنظمة وإدارة الموارد البشرية والعاملين المتدربين، فإدارة المنظمة هى المنوط بها الاهتمام بإجراء عمليات التدريب للعاملين، باعتبار أن ذلك جزءا من مهمة استثمار المورد البشري ، أما إدارة الموارد البشرية فذلك جزء من مهمة إدارتها في إدارة وتطوير وتنمية العاملين، أما بالنسبة للعاملين فإن أداء التدريب بشكل جيد وناجح هو جزء من مسؤوليتهم تجاه المنظمة وضرورة تطوير مهاراتهم. [4]

- ويقصد به (العملية المنظمة المستمرة التي يكتسب الفرد من خلالها المهارات والمعارف والقدرات والافكار والآراء التي يتطلبها أداء عمل معين او تحقيق هدف معين).

- فالتدريب اذا "يهدف الى اكساب العاملين مهارات ترتبط بوظائفهم وتساعدهم على تصحيح الانحرافات في جوانب ادائهم. [5]

"وهو جهد منظم ومخطط له لتزويد القوى البشرية بمعارف معينة وتحسين وتطوير مهاراتها وقدراتها وتغيير سلوكها واتجاهاتها بشكل ايجابي بناء من خلال التعليم المخطط له مما يساعد في أداء الواجبات الحالية والمستقبلية بشكل أمثل."

التدريب: هو الطريقة التي تساعد المتدربين للوصول إلى طريقة العمل المثلي في عملهم الحاضر أو المستقبلي بتنمية عادات وأفكار وحركات ومهارات صحيحة فيهم بواسطة تزويدهم بعمل ومعلومات أو مهارات فنية.

التدريب: عملية مستمرة محورها الفرد في مجمله تهدف إلى إحداث تغييرات سلوكية وذهنية وفنية لمقابلة احتياجات حالية ومستقبلية يتطلبها الفرد والعمل الذي يؤديه في التنظيم/ المؤسسة التي يعمل بها والمجتمع الكبير.

- التدريب: فعالية يمارسها الإنسان منذ نشأته حيث يتعلم بالتقليد والتكرار نظريا أو عمليا، ويعني كذلك عملية اكتساب المعارف والخبرات والتقاليد والعادات منذ بداية حياته وباستمرار.

وبناء على ما جاء فى التعريفات السابقة يمكننا استخلاص ما للعملية التدريبة من أهمية تجعله واحدا من أهم المقومات الأساسية لبناء المجتمع وبناء مؤسساته الحكومية والأهلية بمختلف اختصاصاتها ومجالاتها وعلومها ومعارفها لما يقدمه من خبرات ومعارف ومهارات للأفراد ثم للمؤسسات بشكل عام. ولذلك يمكن اعتباره عملية منظمة مستمرة تعطي معلومات وخبرات جديدة وتطور عادات وتقاليد واتجاهات للفرد لكي يتقدم نحو الأفضل والقدرة على تجاوز الأخطاء والسلبيات التي كان يسلكها أو يقع بها دون معرفة. [6]

ثانيًا أهداف التدريب الميدانى :

يتمثل الهدف الأساسي من التدريب والعملية التدريبية في إحداث تغييرات في سلوك ومعارف المتدربين، بقصد التغلب على المشكلات والمعوقات القائمة والمحتمل حدوثها من أجل رفع الكفاءة الإنتاجية للأداء.

وتهدف عملية التدريب إلى تحقيق الأهداف التالية :

أولا: ضمان أداء العمل بفاعلية وسرعة وسد الثغرات التي توجد بين معايير الأداء التي يحددها الرؤساء وبين الأداء الفعلي للعاملين.

ثانيا: ترغيب الموظف في عمله بتنمية ولائه وانتمائه للعمل باعتبار إن زيادة إنتاجيته مرهونة برغبته في أداء العمل.

ثالثا: توفير الدافع الذاتي لدى الموظف لزيادة كفاءته وتحسين إنتاجيته كما ونوعا من خلال توعيته بأهداف المنظمة وسياساتها وبأهمية عمله ومدى مساهمته في تحقيق تلك الأهداف؛ فهناك ضرورة ملحة لتقبل الموظف أهداف المنظمة ورسالتها لضمان أن يكون عمله هادفا وذا قيمة وفعالية.

رابعا: زيادة مهارات وقدرات الموظف واقتناعه بمقومات تؤهله للترقية للمناصب الأعلى، كما أن من الأهداف الرئيسية للتدريب تنمية وتغيير سلوكيات الأفراد لسد الثغرة بين مستوى الأداء الفعلي ومستوى الأداء المطلوب الوصول اليه ورفع مستوى أداء الفرد وتنمية مهاراته ومعارفه واتجاهاته فيما يتعلق بميدان عمله وصولاً الى علاقة ايجابية مرهونة بتحقيق أهداف المنظمة والأهداف التي يتطلع اليها الموظف. [7]

أنواع التدريب

هناك أنواع متعددة من البرامج التدريبية التي تعتمدها منظمات الأعمال، وفيما يلي إيضاحا لأنواع التدريب:

1- التدريب وفق المستوى التنظيمي: ويقسم إلى خمسة أنواع:

أ- التدريب المهني: ويهدف إلى إكساب الفرد مهارات ومعرفة الأداء في مهنة معينة، ويشمل هذا الأفراد الذين تم تعيينهم حديثا، وربما يشمل أيضا القدامى من العاملين لإكسابهم مهارات جديدة وتحديث لمعلوماتهم.

ب- التدريب الإداري: وينصب هذا النوع من التدريب على الأفراد العاملين في المجال الإداري والتنظيمي العمل الإداري، وأحيانا يكون هذا النوع من التدريب لغرض تهيئتهم لشغل مناصب إدارية عليا.

جـ - التدريب الإشرافي: ويشمل هذا النوع من التدريب الأفراد المشرفين لزيادة مهاراتهم وقدراتهم في الإشراف والتعامل مع الأفراد في ظل مسؤولياتهم نحو تحقيق رضا العاملين وتوجيههم لتحقيق الأهداف المراد إنجازها.

د- التدريب التخصصي: ويهدف هذا النوع من التدريب زيادة المهارات التخصصية في جانب معين من الاختصاصات المهنية وغالبا ما يشبه التدريب المهني إلا أنه يرتبط ارتباطا وثيقا بمجال تخصصي من الأطر الوظيفية والمهنية.

هـ - تدريب المدربين: ويتم فيه تدريب المدربين للقيام بمهامهم التدريبية ورفع كفاءتهم للتعامل الناجح مع الأفراد الذين يتولون تدريبهم وخصوصا في المجالات السلوكية والفكرية، واستيعاب المدربين لنظريات التعلم والاتصال وأساليب التدريب.

2- التدريب وفق الزمن:

ويعتمد هذا النوع من التدريب على المدة الزمنية المطلوبة للتدريب وهي:

أ-التدريب قصير الأجل: ويستغرق هذا النوع من التدريب فترة أسبوع إلى ستة أسابيع ويتم فيه عقد دورات تدريبية بصورة مكثفة ومركزة حول البرنامج التدريبي.

ومن عيوبه عدم توفر الوقت الكافي للتدريب لتغطية الموضوع بصورة تفصيلية وكاملة وشمولية.

ب- التدريب طويل الأجل: وفي هذا النوع من التدريب يمتد إلى سنة أو أكثر ولذلك لحصول المتدرب على المعلومات الكافية حول المادة التدريبية مما يجعل الاستفادة منها أكبر قياسا بالتدريب قصير الأجل، ومن العيوب التي تؤخذ على هذا النوع من التدريب طول الفترة الزمنية بالإضافة عن التكاليف الناجمة عن العملية التدريبية.

3- التدريب وفق نوعية الأفراد

ويأخذ هذا النمط بعدين أساسيين هما:

أ‌- التدريب الفردي: ويتم في هذا النوع من التدريب تطوير المهارات والقدرات الفردية التي تتعلق بالأفراد لغرض ترقيتهم الى مراكز إدارية أعلى ولهذا فهو يقتصر على الافراد المعنيين.

ب‌- التدريب الجماعي: ويعتمد هذا الأسلوب من التدريب على مجموعة من الأفراد المراد تدريبهم جماعيا "وفي مراكز تدريبية متخصصة لغرض تطوير مهاراتهم في مجالات عملهم كتدريبهم مثلا على استخدام الحاسوب أو التقنيات الحديثة في العمل [8]

الفرق بين التعلم والتعليم والتدريب:

"لم تعد أهمية التعليم محلا لجدل، بل الصبح الجدل فى فيما يحتويه من تفاصيل دقيقة وتخصصات أدق، ولعل المصطلح الأشهر فى هذه المرحلة، هو مصطلح التعليم المستمر، وأحيانا التعلم المستمر، وهنا يتوجب علينا التوقف أولاً لبيان ما بين المصطلحين من اختلاف، قبل الخوض فى علاقة كل منهما بالتدريب.

مفهوم التعليم: هو عملية تنمية معرفية للفرد، لا تحتاج إلى هدف وظيفي محدد، يتم من خلالها تنمية القدرات الفكرية والتطبيقية بشكل عام.[9]

مفهوم التعلم :هو عملية تلقي المعرفة والقيم والمهارات من خلال الدراسة أو الخبرة مما قد يؤدي إلى تغير دائم في السلوك، تغير قابل للقياس بحيث يعيد توجيه الفرد الإنساني ويعيد تشكيل بنية تفكيره العقلية.[10]

والاختلاف ببساطة أن المعلم يقوم بالتعليم، والطالب يقوم بالتعلم .. هكذا الفرق ببساطة.

أما التدريب: فيمكن وصفه بأنه نقل محتوى تدريبي أو مهارة تدريبية من شخص (المدرب) إلى شخص/ أشخاص آخرين (متدربين) بحيث يتم فهم محتوى أو اكتساب المهارة بشكل صحيح من قبل المتدربين. [11]

فهو كما سبق وبينا .. نشاط إنسانى مخطط له يهدف إلى إحداث تغييرات في جوانب مختارة لدى المتدربين.

ومما سبق يتضح أن التدريب ليس هدفاً في حد ذاته وإنما هو وسيلة منظمة تستهدف تحسين وتنمية قدرات واستعدادات الأفراد، بما ينعكس أثره على زيادة أهداف المنظمة، حيث يعتبر الوسيلة الأهم التي تؤدي إلى تنمية وتحسين الكفاءة الإنتاجية للمنظمات .وأنه استثمار مستقبلى فى المورد البشري. "يعد التدريب مصدرا مهما من مصادر إعداد الكوادر البشرية وتوير كفاءاتهم وتطوير أداء العمل، لذا يعد التدريب انتاجا استثماريا يحقق عائدا ملموسا يسهم فى تلبية احتياجات النمو الاقتصادى والاجتماعى فضلا عن كونه وسيلة مهمة فى محاولات اللحاق بركب التقدم التكنولوجى" [12]

انطلاقا من هذا المفهوم للتدريب تبدو أهمية التدريب للموظف الجديد والموظف القديم على السواء؛ فالموظف الجديد الذي يلتحق حديثاً بالمؤسسة قد لا تتوافر لديه بعد المهارات والخبرات الضرورية لأداء واجبات الوظيفة بالكفاءة المطلوبة، مثل:

-إكساب المتدرب المهارات التي تجعل قادراً على أداء الواجبات المتوقعة منه بطريقة مرضية

- رفع مستوى الأداء و زيادة الإنتاجية والإنجاز

- تعرف اتجاهات وأساليب جديدة فى العمل

- تحقيق الإرضاء الوظيفى [13]

- مواكبة المؤسسات لمتطلبات البيئة المتغيرة والتطوير والتحديث الحاصلين فى المحيط.

- تقليل أخطاء العاملين وعيوب العمل، نظرا لإلمامهم بأعمالهم وقدرتهم على الأداء وتحقيق الرضا الذاتى.

- غرس أخلاقيات وسلوكيات جديدة واتجاهات تسهم فى تحسين جو العمل [14]

دوافع التدريب :

من خلال مفاهيم التدريب وأهميته نجد أن دوافع التدريب تتمثل في :

1- زيادة الإنتاج: وذلك بزيادة الكمية وتحسين النوعية من خلال تدريب العاملين على كيفية القيام بواجباتهم بدرجة عالية من الإتقان ومن ثم زيادة قابليتهم للإنتاج.[15]

2- الاقتصاد في النفقات: حيث تؤدى البرامج التدريبية إلى خلق مردود أكثر من كلفتها وذلك عن طريق رفع الكفاءة الإنتاجية للعاملين والاقتصاد في الوقت نتيجة للمعرفة الجيدة بأسلوب العمل وطريقة الأداء.[16]

3- رفع معنويات العاملين: إذ عبر التدريب يشعر العامل بجدية المؤسسة في تقديم العون له ورغبتها في تطويره وتمتين علاقته مع مهنته التي يتعيش منها مما يؤدى ذلك إلى زيادة إخلاصه وتفانيه في أداء عمله [17]

4- توفير القوة الاحتياطية في المنشأة: بحيث يمثل مصدراً مهماً لتلبية الاحتياجات الملحة في الأيدي العاملة، فعبره يتم تخطيط وتهيئة القوى العاملة المطلوبة.[18]

5- التقليل في الإسراف: لأن تدريب العاملين معناه تعريفهم بأعمالهم وطرق أدائها وبذلك يخلق معرفة ووعياً وقدرة على النقد الذاتي بشكل لا يحتاج معه المدرب إلى مزيد من الإشراف والرقابة في أدائه لعمله. [19]

6- القلة في حوادث العمل: إن التدريب معناه معرفة العاملين بأحسن الطرق في تشغيل الآلة وبحركة ومناولة المواد وغيرها ما يعد مصدراً من مصادر الحوادث الصناعية ويعمل التدريب على القضاء أو التقليل من تلك الحوادث المرتبطة بهذه العمليات . [20]

ثالثا: مراحل التدريب وأساليبه:

المرحلة الأولى، تحديد الاحتياجات التدريبية:

إن الخطوة الأولى والأساسية في العملية التدريبية هي تحديد الاحتياجات التدريبية، أي تحديد ما هو التدريب المطلوب. وذلك بصورة مستمدة من احتياجات المنظمة، وتساعد على تحقيق غاياتها. [21]

والحقيقة فإن كل الخطوات الأخرى في العملية التدريبية تستند إلى هذه الخطوة التشخيصية، فمحتوى البرامج التدريبية، والأساليب المستخدمة في التدريب ونوعية المتدربين ومستواهم الوظيفي والوقت والجهد الذي سيبذل كلها تعتمد على الاحتياجات التدريبية. والاحتياجات التدريبية هي مجموعة التغيرات والتطورات المطلوب إحداثها في معلومات العاملين ومهاراتهم وسلوكهم، لرفع كفاءتهم وفقا لمتطلبات العمل بما يساعد في التغلب على المشكلات التي تعترض سير العمل في المنظمة ويسهم بتطوير الأداء والارتقاء بمستوى الخدمات بشكل عام.

وتحديد الاحتياجات التدريبية لا يتم بصورة عشوائية وإنما على أساس التخطيط السليم والدراسة الدقيقة لطبيعة الوظائف وللمهارات والقدرات المطلوب أدائها في المنظمة؛ ولكن بالرغم من أهمية تحديد الاحتياجات التدريبية بناء على تحليل دقيق لحاجات المنظمة فإن المنظمات في كثير من الأحيان تقوم بإخضاع موظفيها للتدريب دون أن تكون ثمة حاجة فعلية إلى تطوير قدرات أو مهارات معينة أو لتحسين مستوى الأداء في أعمال معينة الأمر الذي يكون فيه إهدار للوقت والمال والجهد .

والحقيقة أنه ليس من السهل دائما تحديد الاحتياجات التدريبية وفي هذا الصدد ينبغي للمديرين وموظفي إدارة الموارد البشرية التنبه إلى بعض المؤشرات التي تساعد على إظهار مدى الحاجة إلى التدريب، ومن ثم تحديد نوع التدريب المطلوب وكيفية تنفيذه، وثمة حالات تكون فيها المؤشرات للحاجة إلى التدريب واضحة فعلى سبيل المثال فإن المنظمة التي تتوسع في ميكنة عملياتها ومن ثم تلغي بعض الوظائف قد تلجأ في حالة وجود وظائف شاغرة أخرى في المنظمة إلى إعادة تأهيل بعض موظفيها لشغل تلك الوظائف كذلك فإن التوسع في استحداث عدد من الوظائف الجديدة يتطلب برنامجا تدريبيا لشغل الوظائف الشاغرة بالإضافة إلى أن تغيير أساليب العمل أو تغيير الخدمات المقدمة أو تغيير مواقع الأفراد بسبب النقل أو الترقية أو التكليف أو وجود معدلات عالية من الأخطاء في أداء الأعمال في أحد الأقسام قد يكون مؤشرا على الحاجة إلى تدريب لتطوير مهارات العمل.

إلا إنه في حالة غياب مؤشر واضح للحاجة إلى التدريب فإن المسؤولية تقع على عاتق إدارة المنظمة لتقوم بالتحليل الدوري للعمليات التنظيمية، وتحديد ما إذا كانت هناك حاجة فعلية إلى تدريب الموظفين وفي هذا الخصوص يجب أن تتبنى المنظمة آلية منتظمة لتحديد الاحتياجات التدريبية فيها. وبصفة عامة يتم تحديد الاحتياجات التدريبية باستخدام ثلاثة أنواع من التحليلات هي تحليل المنظمة، تحليل المهام، تحليل الأفراد.

المرحلة الثانية ، تحديد أهداف التدريب:

في هذه المرحلة يتم ترجمة الاحتياجات التي تم تحديدها في المرحلة الأولى إلى أهداف زمنية وكمية ونوعية محددة لتكون بمثابة المرشد للجهود التالية للتدريب. وتتضمن هذه الأهداف تحديد ما الذي ينبغي للمتدرب اكتسابه، أو ما الذي ينبغي أن يكون المتدرب قادرا على أدائه، ولم يكن قادرا على أدائه من قبل، بعد انتهائه من التدريب.

ويتعين أن يتم تحديد هذه الأهداف بصورة واضحة ومحددة وقابلة للقياس، بحيث يمكن تقويم مدى نجاح التدريب أو إخفاقه من خلال الرجوع إلى هذه الأهداف.

وتشمل أهداف البرامج التدريبية في العادة ثلاثة جوانب رئيسة هي: المعارف، والمهارات، والاتجاهات.

وتهدف المعارف إلى تزويد المتدرب بالمعلومات، والمفاهيم، والنظريات والمبادئ الأساسية، والأنظمة، واللوائح، والسياسات، التي تساعد المتدرب على أداء عمله.

أما المهارات فتتعلق باكتساب القدرة على الممارسة والتطبيق العملي لوسائل محددة لأداء الأعمال. بينما تعنى الاتجاهات بالتأثير على أفكار المتدرب وقيمة نحو الأفراد أو الأشياء أو المواقف بطريقة إيجابية.

ويشمل تحديد الأهداف تعيين الهدف الرئيس، والأهداف الفرعية. فأما الهدف الرئيس، فهو النتيجة الكلية للبرنامج التدريبي بأكمله، والركيزة التي يرتكز عليها البرنامج التدريبي، وتدور حوله مجهودات التدريب وتهدف إلى الوصول إليه.

وأما الأهداف الفرعية، فهي سلسلة النتائج المؤدية إلى هذه النتيجة الكلية . فقد يكون الهدف الرئيس، مثلا تدريب طائفة من المشرفين على اكتساب القدرة على اتخاذ القرارات في مدة محددة. وقد تكون الأهداف الفرعية المؤدية له تنمية معلومات هؤلاء المشرفين في العملية الإدارية، وإلمامهم بمكونات الإدارة ووظائفها، وزيادة وعيهم بالجوانب التنظيمية والإنسانية والفنية للمشكلات التي يصادفونها.

ويعد كل واحد من هذه الأهداف الفرعية وسيلة للهدف الذي يليه ،ومن ثم وسيلة تحقيق الهدف الكلي.

فإذا تمت زيادة معلومات المشرفين بالعملية الإدارية فإن ذلك يمكنهم من تفهم المشكلات التي يصادفونها في أعمالهم. وإذا أمكن فهم المشكلات ،زادت قدرتهم على تحليلها، ومن ثم مهاراتهم في فحص الأسباب وبحث البدائل الممكنة للحلول. وهكذا إلى أن يصل هؤلاء المشرفون للهدف الرئيسي، وهو القدرة على اتخاذ القرارات.

المرحلة الثالثة، تصميم البرامج التدريبية:

بعد تحديد الاحتياجات التدريبية، وتحديد الأهداف التدريبية، فإن الخطوة التالية تكون تصميم البرامج التدريبية للشروع في التنفيذ الفعلي للتدريب. ويعنى تصميم البرامج التدريبية بتحديد محتوى التدريب ،واختيار الأساليب التدريبية، والمدربين، ومدة البرنامج ومكانه وتكاليفه، وسيتم التركيز فيما يلي على الأساليب الأساسية للتدريب.

يتطلب تصميم البرامج التدريبية تحديد أسلوب التدريب المناسب، الذي يساعد على تحقيق الأهداف التدريبية على أفضل وجه ممكن. وأساليب التدريب هي الوسائل التي يمكن استخدامها من أجل نقل المعارف، والمهارات، والاتجاهات المرغوبة للمتدرب.

وهناك العديد من الأساليب التدريبية، ويعتمد اختيار الأسلوب المناسب منها على عدد من المعايير، التي من بينها ما يلي:

- نوع السلوك المطلوب اكتسابه (مهارات فنية، مفاهيم ،مهارات لفظية، اتجاهات، .. الخ)

- عدد الموظفين المطلوب تدريبهم

- مستوى القدرات التي يتمتع بها المتدربون

- الفروق الفردية بين المتدربين 

- تكاليف التدريب بالنظر إلى المعلومات المختلفة

المرحلة الرابعة، تقويم التدريب:

من الضروري الحرص على تقويم التدريب بأسلوب علمي لتحديد مدى فاعليته في تحقيق غاياته. "ويمكن تقويم التدريب من خلال أربعة مستويات من النتائج رد الفعل، التعلم، السلوك، والنتائج". [23]

- رد الفعل: ويتم بقياس شعور المتدربين تجاه العناصر المختلفة للبرنامج التدريبي، بما في ذلك محتوي البرنامج، أساليب التدريب، قدرة المدرب وأسلوبه، بيئة التدريب، مدى تحقيق أهداف التدريب.

- التعلم (التعليم المكتسب): ويتم باختبار المتدربين قبل التدريب وبعده، ومقارنة نتائج الاختبار. وتساعد مقارنة النتائج في الحالتين على تحديد مقدار التعلم الذي نتج عن البرنامج. وإذا ما تم تصميم الاختبارات بطريقة سليمة يمكن تحديد مقدار التعلم الذي يرجع إلى البرنامج، وليس إلى الخبرة السابقة أو أية عوامل أخرى.

- السلوك: يقيس تقويم السلوك مدى تأثير التدريب في الأداء الفعلي للموظف. وهنا يتم التقويم من خلال إجراء مقابلات مع الموظفين وزملائهم ورؤسائهم، أو من خلال مراجعة نتائج تقويم الأداء الوظيفي. وحتى يكون التقويم أكثر دقة، يتم قياس الأداء قبل التدريب وبعده لتحديد الفرق في السلوك، أو من خلال مقارنة أداء الموظفين الذين تلقوا التدريب وأولئك الذين لم يتلقوه. ولكن ينبغي مرور مدة كافية من الزمن بعد انتهاء البرنامج التدريبي لإجراء التقويم، حتى يتاح للمتدربين تغيير سلوكهم وتطبيق ما تعلموه.

تصنيف أساليب التدريب:

يمكن تصنيف أساليب التدريب بطرق متعددة. فعلى سبيل المثال ،يمكن تصنيفها حسب مكان التدريب في فئتين رئيستين: تدريب على رأس العمل، وتدريب خارج العمل. ويمكن تضيفها حسب الموضوع العام للتدريب، إلى تدريب مهني، وفني، وسلوكي. أو حسب المتدربين؛ تدريب فردي وتدريب جماعي . ولكننا سنتناول هذه الأساليب بتصنيفها في ثلاث فئات رئيسية على النحو التالي:

- أساليب المحتوى: التي تصمم لتقديم المعرفة أو المعلومات للمتدربين.

- أساليب العمليات: التي تهدف بصورة رئيسة إلى تغيير الاتجاهات وتطوير الوعي بالذات وبالآخرين، والتأثير في مهارات العلاقات الشخصية للمتدربين. [22]

- الأساليب المختلطة: التي تتضمن نقل المعلومات، وكذلك تغيير الاتجاهات.....

الخلاصة:

يجرى هذا النوع من التقويم من خلال مقارنة السجلات قبل التدريب وبعده. وتعد هذه الوسيلة من أكثر الوسائل صعوبة لتقويم التدريب، مكمن الصعوبة أن المقاييس المستخدمة فيها لا تأخذ في الحسبان المتغيرات الصغيرة التي قد تؤثر في النتائج، والتي قد لا يكون لأداء الموظف دخل فيها. وقد يكون أفضل وسيلة لتنفيذ هذا النوع من التقويم من خلال استخدام المقاييس القبلية والبعدية للجوانب التنظيمية المطلوب إحداث التغيير فيها، ومن ثم استنساخ ما إذا كان التدريب عنصرا جوهريا في استحداث التغيير. [24]

ولأن المورد البشري هو المورد الأهم، والمحرك الأول لقاطرة التنمية، فقد أصبح موضوع التدريب أحد أهم متطلبات النجاح لأى مؤسسة؛ تعليمية أو إنتاجية أو خدمية.

يأتى ذلك من منطلق مجموعة الأهداف التى تختص بكل منظمة، كل بحسب اختصاصه، غير أن هناك مبادئ تنظم عملية التدريب، منها الأهداف والأهمية وأسلوب التدريب وتسلسل مراحله إضافة إلى طريقة التقويم .

فأما الأهداف: فيمكن اختصارها في إحداث تغييرات في سلوك ومعارف المتدربين، بقصد التغلب على المشكلات والمعوقات القائمة والمحتمل حدوثها من أجل رفع الكفاءة الإنتاجية للأداء.

وتهدف عملية التدريب إلى تحقيق الأهداف التالية، ضمان أداء العمل بفاعلية وسرعة وسد الثغرات التي توجد بين معايير الأداء التي يحددها الرؤساء وبين الأداء الفعلي للعاملين، ترغيب الموظف في عمله بتنمية ولائه وانتمائه للعمل باعتبار إن زيادة إنتاجيته مرهونة برغبته في أداء العمل، توفير الدافع الذاتي لدى الموظف لزيادة كفاءته وتحسين إنتاجيته كما ونوعا من خلال توعيته بأهداف المنظمة وسياساتها وبأهمية عمله ومدى مساهمته في تحقيق تلك الأهداف؛ فهناك ضرورة ملحة لتقبل الموظف أهداف المنظمة ورسالتها لضمان أن يكون عمله هادفا وذا قيمة وفعالية، زيادة مهارات وقدرات الموظف واقتناعه بمقومات تؤهله للترقية للمناصب الأعلى.

كما أن تنمية وتغيير سلوكيات الأفراد واحد من الأهداف الرئيسية للتدريب؛ لسد الثغرة بين مستوى الأداء الفعلي ومستوى الأداء المطلوب الوصول اليه ورفع مستوى أداء الفرد وتنمية مهاراته ومعارفه واتجاهاته فيما يتعلق بميدان عمله وصولاً الى علاقة ايجابية مرهونة بتحقيق أهداف المنظمة يمكن تصنيف أساليب التدريب بطرق متعددة.

فعلى سبيل المثال، يمكن تصنيفها حسب مكان التدريب في فئتين رئيستين: تدريب على رأس العمل، وتدريب خارج العمل. ويمكن تضيفها حسب الموضوع العام للتدريب، إلى تدريب مهني، وفني، وسلوكي. أو حسب المتدربين؛ تدريب فردي وتدريب جماعي.

ويمكن تصنيف هذه الأساليب في ثلاث فئات رئيسية؛ أساليب المحتوى، أساليب العمليات، الأساليب المختلطة.


الهوامش:

[1] عائدة عبد العزيز نعمان - رسالة ماجستير - جامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا - 2008

[2] الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالى-https://www.abahe.uk/training-concept.html

[3] عائدة عبد العزيز نعمان - رسالة ماجستير - جامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا - 2008

[4] د/ ثناء عبد الكريم - كلية الإدارة والاقتصاد - جامعة بابل - 3/12/2018

[5] المرجع السابق

[6] رسالة دكتوراه - جامعة سانت كليمنتس العالمية - دور تدريب الموارد البشرية في بناء القدرات الإدارية القيادية -2012

[7] عائدة عبد العزيز نعمان - رسالة ماجستير - جامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا - 2008

[8] د/ ثناء عبد الكريم - كلية الإدارة والاقتصاد - جامعة بابل - 3/12/2018

[9] إعداد المدرب المبدع – د/ أسامة محمد سيد على – دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع

[10] لمعجم المصرى فى التربية - د/ تونيا قزامل – عالم الكتب – ط 1/2013

[11] نظرية التدريب: التحول من أفكار ومبادئ التدريب إلى واقعه الملموس محمود أحمد رضوان - 2013 – المجموعة العربية للتدريب 2013

[12]التربية المهنية – محمود محمد الجراح – أمواج للنشر والتوزيع ط1 - 2013

[13] التربية المهنية – محمود محمد الجراح – أمواج للنشر والتوزيع ط1 - 2013

[14] التدريب الميداني تعريفه اهميته مراحله – سامية موسى إبراهيم ، نائلة فائق – عالم الكتب 2010

[15] نظرية التدريب: التحول من أفكار ومبادئ التدريب إلى واقعه – مرجع سابق

[16] إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات – عبد الله حسن مسلم 2015

[17] المرجع السابق

[18] المرجع السابق

[19] إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات – مرجع سابق

[20] إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات – مرجع سابق

[21] إدارة الموارد البشرية – مازن فارس رشيد مكتبة العبيكان – السعودية – الطبعة 3/ 2009

[22] إدارة الموارد البشرية – مازن فارس رشيد مكتبة العبيكان – السعودية – الطبعة 3/ 2009


<img src=”صورة تجمعات بشرية.jpg” alt=”التدريب الميدانى “/>


مواضع كسر همزة إنََّ - مبادئ التدقيق اللغوى

فبراير 12, 2021

لـ "إن" من حيث حركة همزتها ثلاثة أحوال: وجوب الكسر، وجوب الفتح، جواز الكسر والفتح.. فالمواضع التي تُفتح فيها الهمزة تختلف اختلافا كليًا عن تلك التي تُكْسَر فيها؛ إذ يأتى ما بعد المكسورة كلامًا تامًا لفظًا ومعنًى، مُحَقِّقًا لمضمون الجملة‘ بينما يأتى ما بعد المفتوحة مفرد معنى، ولذلك تتعين المكسورة حيث لا يجوز أن يَسِدَّ (المصدر) محل (إن ومعموليها) .." أى أن الكلام بعد إن المكسورة كلامٌ تامُ المعنى، مثل:

{إنَّ الله يُحِبُّ المُحْسِنين} فالجملة بعد إنَّ هى جملة تامة تتكون من مبتدأ هو (الله) وخبر هو (يحب المحسنين). أما ما بعد أنَّ المفتوحة، فليس بجملة تامة، مثل:

 يسعدنى أنَّك نجحت، إذ لا يمكن تجاهل (أنَّ) فى هذه الجملة مع استمرار تمام المعنى، كما فى الجملة السابقة؛ فلن نستطيع القول: (ك) نجحت، ولكى نتمكن من ذلك لابد لنا من الإتيان بالمصدر المؤول، المسبوك من أنَّ ومعموليها، وهما هنا الضمير (ك) والفعل نجحت. وبديلًا عن القول (يسعدنى أنك نجحت) سوف نقول: (يسعدنى نجاحك).

ولهمزة (إنَّ) المكسورة مواضع مشهورة منها:

1- إذا وقعت في بداية الكلام حقيقة:

مثل قوله تعالى: {إَّنا أعطيناك الكوثر}، وقوله: {إنَّا أنزلناه فى ليلة القدر}.

2- أن تكون واقعة فى بداية الكلام حكما:

كأن تقع بعدَ حرف تنبيه، كـ (ألا)، أوِ استفتاحٍ، كـ (ألا وأمَا)، أو رَدْعٍ، كَـ (كَلاَّ)، أو جوابٍ، كـ (نَعْم ولا)، فهي مكسورةُ، إذ هى هنا في حكم الواقعة في الابتداء. 

ومثالها بعد حروف التنبيه كما في قوله تعالى:

{ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون4}. 

وكقوله (عليه الصلاة والسلام):

" أَمَا إِنَّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي"

ومثال وقوعها بعد أحرف الجواب (كلا – بلى – نعم – لا – أجل)، مثل:

 {كلاَّ إنَّ الإنسان ليطغى}،  ومثل:{بلى إنَّ الله عليم بما كنتم تعملون}.

ونحو: نعم إنَّ زيدَا قائمٌ، وكقول الشاعر: أجل إنَّ ذا يوم لمن يفتدى مصرا.

 وقد اعتبرت همزة إنَّ مكسورة بعد هذه الأحرف لأنها في حكم الواقعة في بداية الكلام.

3- أن تقع في ابتداء جملة "إنَّ" الواقعة بعد النداء:

كقوله تعالى:

{قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.

وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الغرور}.

4- أن تقع فى صدر جملة الصلة (أى دون أن يسبقها من هذه الجملة شىء):

وذلك سواء وقعت تالية لموصول اسمي؛ أو موصول حرفي، مثل قوله تعالى:

{وآتيناه من الكنوز ما إنَّ مفاتحه لتنوء بالعصبة أُولِي الْقُوَّةِ}.

ونحو حضر الذين إنَّهم زينةُ الدارِ. وعلى خلاف ذلك، (أنَّ) الواقعة في حشو الصلة، نحو:

 جاء الذي عندي أنه فاضل، فقد فُتِحَتْ لأنَّها لم تتصدر جملة الصلة، بل سبقها (عندى).

5- جملة جواب القسم:

مثل{والعصر‘ إنَّ الإنسان لفى خُسر}، ونحو والله، إنَّ كلمةً طيبةً لأثمرُ مِن فعلٍ خبيثٍ.

 ونحو: والله إنّ زيداً لآتٍ.

6- الجملة الاستئنافية:

{فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ ۘ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}

وكذلك فى القول: التواضعُ مِن أسمى الأخلاقِ، إنَّه تاجُ المبدعينَ، وزينةُ المؤمنينَ.

 فالجواب إنَّه تاج المبدعين؛ إجابة عن سؤال تقديرى (لماذا التواضع من أسمى الأخلاق؟)

-7- في الجملة المُؤكِّدة لأخرى بالتكرار:

مثل (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا). ونحو: إنَّ الصبرَ جميلٌ، إنَّ الصبرَ جميلٌ.

8- الجملة المعطوفة على جملة ابتدائية :

مثل:{إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ(46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} (47).

 ومثل: {وإنَّ من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإنَّ منها لما يهبط من خشية الله}. 

    ونحو: إنَّ الحُبَّ لسرٌّ من أسرارِ الكونِ، وإنَّه لمفتاحٌ للقلوبِ.

9- جملة القول:

إذا وقعت بعد فعل القول (محكية بالقول) نحو:

{قال إنِّي عبد الله} - {قَالَ فإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ} - {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} - {يَقُولُ إِنَّكَ لَمِنَ المُصَّدِّقِينَ..}

والشرط هنا كما كرنا، أن تكون محكية بالقول: (فإنِّ وقعت بعد القول غير محكية فُتِحَتْ نحو:" أخُصّك بالقول أنَّك صادق"

وقد خُصّ فعل القول دون الأفعال الأخرى بأن همزة(إنَّ) تكسر بعده؛ كون الجملة بعد فعل القول تكون كجملة الابتداء .

* ملاحظة:

 لا يصح وقوع المفرد محكيًّا بعد القول، لأنّه لا يمثل كلامًا مفيدًا

10- أن تقع حالًا؛ أى تقع في صدر جملة في موقع الحال، مثل:

قدِمتْ سلوى وإنَّها لفي أحسنِ حالٍ. ونحو:

{كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإنَّ فريقا من المؤمنين لكارهون}

11- جملة الخبر لمبتدأ هو اسم عين (ذات):

مثل: "زيدٌ إنَّه فاضلٌ"

12- بعد (حيثُ) الظرفية التي تُلازم الإضافة إلى جملة:

" اجلسْ حيثُ إنَ الحكماءَ يجلسونَ". ونحو: "جلست حيث إن عليا جالس". 

و نحو:  اذهبْ حيثُ إنَّ الرِّزْقَ وفيرٌ .

13- بعد (إذ) :

مثال : "جئتك إذ إِنَّكَ طلبتنى". و لوجوب إضافة( إذ ) إلى الجمل لا إلى المفردات؛ فإنه يلزم كسر همزة إن؛لأنها لو أولت لأصبحت مضافة إلى مفرد وهذا لا يجوز معها لما ذكرناه من وجوب إضافتها إلى جملة..

نحو: احترمك إذ إنّ أباك ذو فضلِ

14- أن تقع بعد "حتى"

تقول: "قد قاله القوم حتى إن زيدا يقوله". وانطلق القوم حتى إن زيدا لمنطلق" 

 ومثل: صَامَ الرَّجُلُ عن الكلامِ، حتى إنَّه لم يتكلم أبدا.

15- أن تقع صفة :

نحو "نظرت إلى خالد إنه كبير".

16- في باب الحصر بالنفي وإلا:

بداية علينا أن نوضح كيف تكون إلا أداة حصر لا أداة استثناء فكيف نميز الاستثناء من الحصر؟

1- إذا كان المستثنى منه موجودا 

كان الأسلوب أسلوب استثناء تام وبالتالي نقول عن (إلا): هي أداة استثناء.

2- وإذا لم يكن موجودا 

كان الأسلوب أسلوب استثناء ناقص منفي وبالتالي نقول عن (إلا) أداة حصر؛ وهذا هو موضوعنا (ما قلناه عن (إلا) ينطبق على غير وسوى)

وتلك قاعدة نستطيع أن نفرق بها بين الاستثناء والحصر.

* *إذا كانت الجملة مثبتة نحذف (إلا) فإذا استقام المعنى فهو حصر وإذا لم يستقم المعنى فهو استثناء.

مثال1: (جاء الضيوف إلا محمد) بعد حذف (إلا) في المثال لا يصح أن نقول: جاء الضيوف محمد. وهنا نقول: الجملة وردت بأسلوب استثناء.

مثال2:(ما جاء الضيوف إلا محمد) بعد حذف حرف النفي و(إلا) في المثال لا يصح أن نقول: جاء الضيوف محمد. وهنا نقول: الجملة وردت بأسلوب استثناء.

مثال3:(ما جاء إلا محمد) بعد حذف (ما) و(إلا) في المثال3 يصح أن نقول: جاء محمد. وهنا نقول: الجملة وردت بأسلوب حصر.

فإذا نظرنا إلى همزة إنّ فى مثل هذا الموضع بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ۗ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}.

17- أن تقع بعد عامل عُلِّقَ بلام الابتداء التي يسمونها المزحلقة – بعد فعل من أفعال القلوب وقد عُلِّقَ عنها باللام:

نحو: {والله يعلم إنك لرسوله} (أي أن اللام في "لرسوله" سبب في كسر همزة إن لأن اللام المزحلقة لا تكون في خبر "إنَّ" مفتوحة الهمزة. وكقولك علمتُ إنَّه لَشاعرٌ. وعلى هذا أمثلة أخرى نحو :علمتُ إنّ زيدًا لقائمٌ

وقد أورد الرماني أربعة مواضع لكسر همزة إنّ؛ حيث قال:

(ولها أربعة مواضع: الابتداء، وبعد القول، وبعد أفعال الشَّكِ والعِلْمِ إذا كانت اللام في الخبر، وبعد القسم.)

* ملاحظة:

انفردتْ (إنَّ) دون غيرها بأن خبرها تلحقه (لام) التوكيد المفتوحة المُزحلقة نحو: (إنَّ الأبرارَ لفي نعيمٍ)، إنَّ الطلابَ لحاضرونَ، وإنَّهم لمنشغلونَ؛ لهذا فإنَّ دخول اللام في خبرها من أسباب كسر همزتها.

قال الزجاجي:(وأما كسر إنّ إذا دخلت اللام في خبرها في قولك: ظننت إنّ زيدًا لقائم، وعلمت إنّ أخاك لمنطلق ،فإنما كسرت ولم يجز فتحها؛ لأنّ المفتوحة مع ما تعمل فيه اسم بتأويل المصدر يحكم عليه بالرفع والنصب والخفض.)

وقال ساردا الحديث ومعللا وموضحا سبب كسر (إنّ) مع لام الابتداء:

(ولام الابتداء تمنع ما قبلها أن يعمل فيما بعدها، فلم يجز لما قبل (إنّ) أن يعمل فيها واللام بينهما؛ لأن لام الابتداء حاجز يمنع ما قبله من التخطي إلى ما بعده، ألا ترى أنك تقول: علمتُ لزيدٌ منطلقٌ، وحلفت لأخوك قائمٌ، ولا يكون لـ (علمت) تسلط على ما بعد اللام، فكذلك كان الأصل في قولك :علمتُ إنّ زيدًا لقائمٌ، علمتُ أنّ زيدًا قائمٌ، فمنعت اللام الفعل أن يعمل في (إنّ)، فبقيت مكسورة على حالها، ثم أُخِّرتِ اللام إلى الخبر لفظًا، وهي في المعنى مقدرة في موضعها.)

و قال الرماني:( فإن وقعت قبلها أفعال الشك واليقين جاز إدخال اللام على خبرها وكسرها نحو قولك: ظننت إنّ زيدًا لقائم وعلمت إنّ أخاك لذاهبٌ.)

18- إذا وقعت بعد (ثمّ)، نحو: قمت ثم إنك تقعد.

وأورد الملقي مواضع يجب فيها كسر همزة (إِنّ)؛ حيث قال:

(تكسر همزة إنّ في ابتداء الكلام، نحو: إِنّ زيدًا منطلق؛ وبعد القسم، نحو: واللهِ إنّ زيدًا قائمٌ؛ وإذا كان في خبرها اللام، نحو: علمتُ إِنّ زيدًا لمنطلق؛ وإذا وقعت بعد القول المجرد من الظن وعمله، نحو: قال زيد إنّ عمرًا منطلقٌ، وإذا وقعت بعد (ألا) الاستفتاحية، نحو: ألا إنّ زيدًا منطلق؛ وإذا وقعت بعد (ثمّ)، نحو: قمت ثمّ إنك تقعد؛ وإذا وقعت بعد (حتّى)، نحو: قمت حتى إنك منطلق.)


شرح مواضع كسر همزة إنّ

تابع معنا .. مبادئ التدقيق اللغوى


دراسات بحثية

يناير 30, 2021

التطور التاريخى لعلم الاجتماع

يناير 24, 2021


الإنسان كائن اجتماعى بطبعه، لا يستطيع العيش بمفرده؛ لذلك فقد انضوى تحت مظلة الجماعة منذ بداياته الأولى؛ سواء كانت قبيلة أو عشيرة أو دولة.

وقد ظهرت البواكير الأولى لعلم الاجتماع من بين ثنايا الفلسفات الإغريقية القديمة، فى (الجمهورية، السياسى، القوانين) عند افلاطون، وفي كتاب (السياسة) عند أرسطو، كما ظهرت في كتابات مفكرينا الأوائل أمثال الجاحظ، وابن رشد، وابن خلدون الذى تكلم في مقدمته، عن علم جديد أسماه علم العمران، والذى سعى فيه إلى كشف القوانين التى تفسر الظواهر الاجتماعية المختلفة، فدرس العمران ونظمه وأرجع الظواهر إلى قوانين ثابتة، وليس إلى المصادفة أو إرادة الأفراد [1]. ثم ميَّز أوجست كُونت بين الظواهر الاجتماعية والظواهر الفردية، وجعل من الظواهر الاجتماعية علمًا واقعيًا وضعيًا أسماه علم الاجتماع [2].

ويمكن القول بأن المرحلة التمهيدية لعلم الاجتماع بدأت منذ نشر مونتسيكو كتابه روح القوانين وحتى ظهور أعمال كونت وهربرت سبنسر خلال الفترة من منتصف القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر .

ويمكن اعتبار النصف الثانى من القرن التاسع عشر بأنه الفترة التى تشكل فيها علم الاجتماع باعتباره علمًا مستقلا، ثم توالت إسهامات رواد علم الاجتماع مثل إيميل دوركايم، ورايت ويلز، وجورج لينرج، و بيتريم سوروكين، وتعددت نظرياتهم، فتوسعت أفكار هذا الميدان الثرى ليتشعب إلى ميادين عدة أكثر تخصصًا، بدأها دوركايم بثلاثة ميادين هى، المورفولوجيا ويعنى بالتركيب الجغرافى والسكانى، الفسيولوجيا الاجتماعية التى تعالج مجموعة العلاقات والتفاعلات بين الجماعات كالعقيدة والأخلاق والقانون والحياة الاقتصادية، الاجتماع العام ويمثل العلم الشامل الذى يجمع النتائج والقوانين العامة التى تصل إليها فروع علم الاجتماع مهما تباينت مقدمات تلك النتائج وأساليب استنباط تلك القوانين، ليتطور علم الاجتماع تطورا تخصصيا، وليُفتح الباب أمام العديد من التخصصات الأخرى.

تعريف علم الاجتماع :

تعددت تعاريف علم الاجتماع بتعدد العلماء والنظريات والمذاهب فقد عرفه مؤسسه أوجست كونت بأنه "الدراسة العلمية للمجتمع"[3]

وعرفه انتونى جدنر بأنه "العلم المعنى بدراسة الحياة الاجتماعية والمجتمعات الإنسانية [4] وهو العلم الذي يُعنى بدراسة الظواهر الاجتماعية، والعلاقات التى تنشأ بين أفراد هذه الجماعات من حيث تكوينها واتجاهاتها وأهدافها [5]

ويعتبر ابن خلدون أول من لفت الانتباه إلى هذا العلم وأرسى قواعده الأساسية وأعطاه اسم علم العمران، فقد صرّح بشكل مباشر عن اكتشافه علماً مستقلاً لم يتكلم به أي أحد آخر قبله، حيث كان له أيضاً ملاحظات ذكية في طبائع العمران البشري، والتي ذكرها في مقدمته المشهورة،[6] وعلى الرغم من ذلك فإنّ البداية الواقعية لنشأة علم الاجتماع تنسب إلى أوجست كونت.

ويعد علم الاجتماع من العلوم الحديثة نسبياً بالمقارنة بالعلوم الاجتماعية الأخرى مثل: الاقتصاد، وعلم الإنسان، والتاريخ، وعلم النفس، وبالتالي فهو ظهر كردّ أكاديمي على تحدي الحداثة، فعلم الاجتماع لا يمكن أن ينفصل عن تاريخ الفلسفة الاجتماعية، وبالتالي ارتبطت نشأة علم الاجتماع بنشوء الفلسفة مثل بقية العلوم الأخرى، حيث إنّ علم الاجتماع لا يمكن أن يفهم الواقع دون إطار فلسفي يعود إليه في تجريد الظاهرة الاجتماعية، والربط بين معطياتها ومعطيات المجتمع والتاريخ.

وقد حصل هذا العلم على استقلاله الذاتي بفعل تعقّد الحياة الاجتماعية الذى فرض تشعبه إلى عدة ميادين مختلفة، بحيث يدرس كل منها جانباً من جوانب الحياة الاجتماعيّة.

مراحل تطور علم الاجتماع :

إن تاريخ علم الاجتماع كعلم مستقل له حدود واضحة لا تزيد عن مائة وخمسين عاما على الأكثر. ولكن هل معنى هذا أن البشرية لم تهتم بقضايا وموضوعات الحياة الاجتماعية إلا منذ هذا التاريخ القريب؟؟

الواقع أن البشر قد انتبهوا منذ آلاف السنين إلى كثير من تلك الموضوعات وعديد من هذه القضايا (وخاصة المشكلات) التي نهتم اليوم بدراستها دراسة علمية، ولكن ما يميز دراستنا عن دراستهم هو – في المقام الأول – استخدام ( المنهج العلمي في جمع المعلومات وتأويلها)[7]

من هذا المدخل يمكننا أن نقسم مراحل تطور علم الاجتماع إلى ثلاث مراحل:

- بدأت الأفكار التى ننسبها اليوم إلى علم الاجتماع بالظهور في مخطوطات المصريين القدماء وكتب الفلسفة الصينية واليونانية القديمة عند كونفشيوس وأفلاطون وأرسطو في كتب لا تحمل عناوينها شيئا عن علم الاجتماع، فالبدايات الحقيقية لعلم الاجتماع قديمة قدم الإنسان.

يقول جيمس برستيد في كتابه فجر الضمير عن الأخلاق الاجتماعية والسلوك الإنسانى في مصر القديمة "والواقع أن الوثائق تكشف لنا عن فجر الضمير ونشوء أقدم مثل للسلوك وما نتج عن ذلك من ظهور عصر الأخلاق ..الذى يعد رؤيا جديدة للأمل في زماننا هذا"[8]

وفي الصين بدأ "كونفوشيوس (551 ق.م) في توعية معاصريه بنشر مبادئ وقيم أخلاقية واجتماعية تدور حول شؤون السلطة وإدارة المجتمع، لم يذهب باتجاه الحديث عن أمور ما وراء الطبيعة، ولا بحث في نظام الكون وسننه، ولم يهتم بالبحث في الماديات وظواهر الطبيعة، كما فعل فلاسفة اليونان؛ وإنما تركز اهتمامه على الإنسان، وعكف على مجتمعه باحثًا في أزماته وقضاياه التي تمس حياة المواطن. وعاد إلى تراث بلاده، ومن ذلك خرج بأفكاره الإصلاحية التي تركز على الفرد والمجتمع[9]

- وفى اليونان كان "أرسطو" المفكر اليوناني الشهير، من أكثر مفكري اليونان أثرا في الفلسفة الاجتماعية، ويرجع ذلك إلى عمق تفكيره ونظرته النافذة إلى ما يسمى بالعمليات الاجتماعية. كما كان له السبق في بحثه عن أسس العلاقات السياسية والاجتماعية. 

ويعتبر كتابة السياسة مدخلاً لدراسة الظواهر الاجتماعية [10] ومن أهم أفكار "أرسطو" ما قرره من أن الإنسان حيوان اجتماعي أو كائن اجتماعي، وقد استمد "أرسطو" من هذه القضية ضرورة دخول الإنسان في علاقات اجتماعية، أما سقراط فقد عالج السلوك الأخلاقى من خلال تناوله لفكرة خلود الروح وربط بين سعادتها وبين الفضيلة [11]، ويلاحظ أنها ذات الفكرة المصرية القديمة التى ربطت السعادة في الآخرة بالسلوك المستقيم في الدنيا، ومن بعده جاء تلميذه أفلاطون الذى رأى " أن المجتمع البشري هو حاجة طبيعية، فالفرد لا يمكن أن يحيا إلا في مجتمع سواء كان هذا المجتمع هو الأسرة أو المدينة. 

ويقول "أفلاطون" أن المجتمعات تطورت من البساطة إلى التعقيد بفضل نظام تقسيم العمل والتخصص الذي قاد المجتمع إلى الاتجاه نحو تصدير الفائض لديه من سلع، واستيراد ما يحتاجه مما يدفعه نحو إقامة علاقات تبادل تجاري (مع المجتمعات الأخرى)[12]

ثانيا : الفكر الاجتماعى عند علماء العرب والمسلمين

بدأت هذه المرحلة في القرن السابع الميلادى وامتدت إلى ما يقرب من سبعة قرون، وخلال هذه الفترة دارت أفكار المفكرين العرب حول طبيعة العلاقة بين الفرد والمجتمع ، فمنهم من تحدث عن حاجة الأفراد إلى الاجتماع والعيش سوية للمحافظة على وجوده، مثل الجاحظ، إذ قال: (أنَّ حاجة الناس بعضهم إلى بعض صفة لازمة في طبائعهم وخلقهم وقائمة في جواهرهم) [13] وهى رؤية ليست ببعيدة عن رؤية ابن خلدون الذى أرجع طبيعة الإنسان إلى الاجتماع والتعاون من أجل البقاء، مؤكداً ضرورة وجود وازع يجمع بينهم ويدافع عنهم لصد الاعتداءات الخارجية ومنع الظلم الذي يقع عليهم. [14]

 ويعد تعريف ابن خلدون من التعريفات المبكرة لعلم الاجتماع، والذى عرف «علم الاجتماع» تحت مسمى "علم العمران" بأنه: (ما يَعْرِض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال مثل التوحش والإيناس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض.. وما ينشأ من ذلك من المُلك والدول ومراتبها.. وما يقوم به البشر من أعمال الكسب والمعاش والعلوم والصنائع).. [15] وإذا كان علماء الاجتماع يقسمون علم الاجتماع إلى مرحلتين هما: الفكر الاجتماعي، وعلم الاجتماع.. فإن ابن خلدون يعتبر نموذجا لحلقة الوصل بين هاتين المرحلتين.

يتحدث الفارابي في القسم الثاني من كتاب "أهل المدينة الفاضلة" (القسم الاجتماعي) عن بيان الحاجة إلى الاجتماع البشري، أي حاجة الإنسان إلى أخيه الإنسان في إشباع متطلباته الأساسية والاجتماعية والروحية، علماً بأن إشباع هذه المتطلبات يعتمد على توافر القوام المادي والكمال المعنوي في المجتمع الإنساني الذي تحدث عنه الفارابي. ولا شك أنه رجع في هذا الصدد إلى القضية الأساسية لأرسطو وهي أن الإنسان مدني بالطبع ، وهو بفطرته محتاج من الناحيتين المادية والمعنوية إلى أشياء كثيرة ليس في وسعه أن يستقل بأدائها ولا يقوى على تحقيقها منفرداً حيث قال:" وكل واحد من الناس مفطور على أنه يحتاج في قوامه وفي أن يبلغ أفضل كمالاته إلى أشياء كثيرة لا يمكنه أن يقوم بها كلها وحده، بل يحتاج إلى قوم يقوم له كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه ، وكل واحد من كل واحد بهذه الحال .. ولهذا كثرت أشخاص الناس فحصلوا في المعمورة من الأرض، فحدثت منها الاجتماعات الإنسانية [16]

وتكلم ابن رشد فى الاجتماع الكامل وشمل جوانبه المختلفة والتى بدأها بالاجتماع الكامل الذى تحققت فيه كل معانى العدالة والفضيلة والكمال وانتهى إلى أن الاجتماع الإنسانى قائم على الحاجة الاقتصادية كأساس للتجمع وقيام الأسرة والقرية والمدينة والدولة [17]، كما ساهم الكثيرون مثل ابن سينا والفارابى وابن الطفيل في إثراء هذا العلم.

ثالثا – المرحلة الوضعية لعلم الاجتماع

بدأت الملامح لعلم الاجتماع الغربى مع عصر التنوير ومهد العديد من الفلاسفة والمفكرين للعلم الذى نسب إلى أوجست كونت ومن أبرز مفكري هذه المرحلة العالم الإيطالي فيكو الذى لم يوضح حاجة الإنسان لأخيه الإنسان كما مر بنا في المرحلة الأولى وإنَّما وضع ثلاث مراحل تمر بها جميع المجتمعات البشرية خلال تطورها وهي:

1- المرحلة الأولى: وتتسم هذه المرحلة بإرجاع الأوامر والنواهي لمشيئة الآلهة .

2- المرحلة الثانية: وهى الأبطال الأشداء الممثلين في الزعماء الذين يحررون الإنسان من سيطرة الافكار الدينية.

3- المرحلة الإنسانية: في هذه المرحلة تعم المساواة وتسيطر فكرة الواجب وتوضع فيه أسس الحضارة ودعائمها [18].

وهذا التطور في نظر "فيكو" لا يسير إلى حالة مالا نهاية؛ ولكنه يسير بصورة دائرية حيث إن آخر عصر يمهد للعصر الأول ولكن بصورة أرقى، وهو بذلك يذهب إلى إن البشرية بعد أن تصل إلى العصر الثالث ما تلبث أن تتقهقر راجعة إلى العصر الأول وإن كان هذا التقهقر يتم بصورة مختلفة عما كان عليه العصر الأول، ومن ثم سمى قانونه بقانون النكوص [19] .

في إطار التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية التي كان يمر بها المجتمع الأوروبي في ذلك الوقت، نشأ علم الاجتماع كرد فعل وكاستجابة للأزمات والمشكلات الاجتماعية التي كان يمر بها المجتمع الغربي خلال مرحلة الانتقال من النظام الإقطاعي القديم إلى النظام الرأسمالي الجديد، حيث تنوعت القضايا والمشكلات الاجتماعية [20].

مع توسع المشكلات بدأ إدراك أن دراسة قضايا ومشكلات هذا العلم تحتاج هي ذاتها إلى تعريف وتحديد واضح، كما أنها تشكل مجالاً لاهتمام علوم اجتماعية أخرى؛ لذلك فقد صنف العالم الفرنسى أوجست كونت علم الاجتماع - مؤسس علم الاجتماع الغربى والذى أطلق عليه اسم سوسيولوجى - إلى قسمين رئيسيين هما:

1- الاستاتيكا الاجتماعية                2- الديناميكا الاجتماعية.


- فأما الاستاتيكا الاجتماعية فتهتم بدراسة النظم والبناء الاجتماعي من ناحية التكوين والدور في المجتمع، حيث يركز هذا القسم على الاستقرار الاجتماعي.

- بينما الديناميكا الاجتماعية فتهتم بدراسة تطور وتغير المجتمع (حيث تركز على دراسة التطور والتغير الاجتماعي.) [21] حيث يرى أن الحياة الاجتماعية تحكمها قوانين كسائر الأشياء الطبيعية .

من هنا بدأت استقلالية علم الاجتماع والاعتماد على التفسيرات العقلية في تفسر الظواهر الاجتماعية و الاعتماد على الملاحظة المنظمة في دراسة الواقع الاجتماعي.

وقد اتسع نطاق مناقشة الموضوع الاستاتيكا الاجتماعية – والذي سمى فيما بعد بـ "البناء الاجتماعي"- بظهور الاتجاه البنائي الوظيفي الذي يقوم في جوهره على تصور المجتمع كبناء مكون من أجزاء متعددة تقوم كل منها بوظيفة محددة، وتترابط ( الوظائف وتتكامل فيما بينها للمحافظة على هذا البناء.) [22]

ثم توصل أوجست كونت إلى ما أسماه قانون المراحل الثلاثة ومفاد هذا القانون: إن التفكير الإنساني في كل منحى من مناحي المعرفة بدأ بمرحلة التفكير الديني وأسماها المرحلة اللاهوتية حيث كان تفسير الظواهر يتم بإرجاعها إلى قوى غيبية خارقة، واعتبرها المرحلة الأولى.

ثم تقدم العقل البشري خطوه إلى الأمام، حيث صار يفترض وجود قوى وخواص كامنة في طبيعة الأشياء ذاتها تؤدي إلى تغيرها وحركتها وعرفها بالمرحلة الميتافيزيقية ، وأخيرا المرحلة الثالثة، وهى مرحلة التجريب، التى تؤكد على استخدام التجريب في دراسة المجتمع، والسعي لتعميم نتائج التجريب على اساس أنَّ الخبرة العامة منبعاً لها واختباراً للمعرفة، المرحلة الثانية.

أما المرحلة الثالثة والأخيرة من مراحل كونت فهى مرحلة الوضعية وهي فلسفة ترى ضرورة اعتماد العلوم الاجتماعية - شأنها شأن العلوم الطبيعية من فيزياء وكيمياء- على النتائج المستمدة من التجربة الحسية، والأبحاث التجريبية، والمنهج العلمي (وهى مرحلته).

- استخدم أوجست كونت لفظ "علم الاجتماع" في المجلد الرابع من كتابه "جوهر الفلسفة الوضعية" معتبرا أنه أكثر العلوم تعقيدا وذلك بعد أن وضع نظاما متسلسلا متطورا للعلوم یكون فیه كل علم ضروري من حیث التسلسل بالنسبة للعلم الذي يأتي بعده، تشكل الریاضیات قاعدة هذا التطور المتسلسل للعلم تأتي بعدها الفلك ثم الطبيعة أو الفيزياء ثم الكيمیاء، فعلم الأحياء أو البيولوجيا وأخيرا علم الاجتماع على قمة الهرم [23].

حدد أوجست كونت أربعة محاور لمنهج البحث الاجتماعي وهي: الملاحظة (دراسة العادات والفنون والثقافة الخاصة بمجتمع معين) والتجربة والمنهج المقارن (المقارنة بين المجتمعات) والمنهج التاريخي (دراسة التاريخ للوقوف على قواعد وأسس المجتمع الثابتة على مر العصور) [24]

وتعددت إسهامات رواد علم الاجتماع الذين ظهرت أفكارهم تباعا في تلك المرحلة ومنهم: أميل دور كايم، وماكس فيبر، وتالكوت بارسونز، وكارل ماركس، وغيرهم .

دور كايم : هو عالم فرنسي أصدر أول مجلة اجتماعية في باريس، وألّف الكثير من الكتب في علم الاجتماع وأهمّها تقسيم العمل، وقواعد المنهج في علم الاجتماع، والانتحار.

ماكس فيبر: هو ألماني الجنسية كتب عن الدين، والسياسة، والسلطة، واهتم بالرأسمالية ونشأتها، وقسّم السلطة إلى أنواع رئيسيّة هي السلطة التقليديّة، والسلطة العقلانية القانونية، والسلطة الملهمة الكرزمية، كتب في (الأسباب الاجتماعية لانحطاط الحضارة القديمة) وألف أرشيف العلوم الاجتماعية والسياسة الاجتماعية مع ورنرسومبارت، ويعد مؤلفه "الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية " أشهر أعماله، كما قدم طرحا جدیدا لعلم الاجتماع بتحدث فیه عن سوسیولوجیا الفهم، La Sociologie Compréhensive‘ وهو أكثر العلماء اهتماماً بمسألة الموضوعية في البحوث الاجتماعية، وتعتبر بحوثه في مجال الإدارة، والاقتصاد، والسياسة أهمّ المراجع للعاملين في تلك الميادين[26]

وكما اهتم علم الاجتماع بدراسة المجتمع الإنساني في كل أحواله، ثباته وتغيره، فإنه قد اهتم أيضا بدراسة بناء هذا المجتمع.

ويتكون هذا البناء من عناصر رئيسية هي:

النظم الاجتماعية المختلفة ممثلة في النظام السياسي، والنظام الاقتصادي، والنظام الأسري، والنظام التعليمي، والنظام الثقافي، والنظام الديني، وغيرها من النظم الاجتماعية.

كذلك يتكون بناء المجتمع من الجماعات الاجتماعية المختلفة مثل: الأسرة، المدرسة، النادي، الحزب السياسي. ويتكون أيضا من الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها أفراد المجتمع مثل: دور المدرس، دور الأب، دور العامل، ويتكون من شبكة العلاقات والتفاعلات الاجتماعية التي تربط بين أفراد المجتمع وجماعاته الاجتماعية؛ وقد ترتب على ذلك أن تعددت ميادين الدراسة في علم الاجتماع.

فوجدنا علم الاجتماع وقد تشعب وانقسم إلى فروع عديدة، ليدرس كل فرع منها ويختص بتحليل جانب معين من جوانب البناء الاجتماعي بحيث يغطي كل مكوناته وعناصره الرئيسية.

فنجد مثلاً فرع من فروع علم الاجتماع يهتم بدراسة الأسرة ويسمى علم الاجتماع الأسري، وفرع أخر يهتم بدراسة النظام السياسي وهو علم الاجتماع السياسي، وفرع ثالث يركز على تحليل النظم الاقتصادية وهو علم الاجتماع الاقتصادي، وهكذا.

ولكن تجدر الإشارة إلى أنه في العصر الحديث، تأثر علم الاجتماع كغيره من العلوم بظاهرة التخصص المتزايد والدقيق، وهي الظاهرة التي انتشرت مع تقدم البحث العلمي ومع التقدم التكنولوجي داخل كل العلوم الطبيعية والاجتماعية، على حد سواء.

ومن ثم وجدنا علم الاجتماع الآن يزداد تشعبا وتعددا في مجالات الدراسة داخل الفرع الواحد من الفروع التقليدية لعلم الاجتماع.

فداخل علم الاجتماع السياسي – على سبيل المثال – أصبح هناك علم اجتماع الأزمة وهو العلم الذي يركز على دراسة الأزمات والكوارث، كذلك هناك فرع دقيق داخل علم الاجتماع السياسي يهتم بدراسة منظمات المجتمع المدني، هناك أيضا علم اجتماع الشباب. 

هذا إضافة إلى فروع أخرى عديدة ذات تخصصات دقيقة، فهناك علم اجتماع الفن، وعلم اجتماع الإدارة، وعلم الاجتماع الرياضي، وعلم اجتماع المرأة، ولا ينتظر لهذا العلم أن تتوقف ميادينه عند الحد الذى وصلت إليه؛ بل إن حتمية تزايده مساوية لحتمية تزايد المشكلات الإنسانية التى تتزايد في كل الظروف المجتمعية سلبية كانت أم إيجابية‘ فازدهار المجتمعات له ظواهره الاجتماعية، تماما كأزماتها لها أيضا ظواهرها الاجتماعية، وهذ وذاك يحتاج إلى دراسات تفسره وتأول وتستخلص منه نظريات وقواعد تساعد الإنسان على فهم مجتمعة وترافق تطوره في كل خطواته.


الهوامش

[1] - د/مهدى محمد القصاص - مدخل لعلم الاجتماع - مكتبة مشالى -2010
[2] - عبدالله العبد النبالى دار الخليج للنشر والتوزيع - ط1-2019
[3] - مدخل إلى علم الاجتماع - د/ نجلاء عبد الحميد راتب - جامعة بنها - كود 511
[4] - أنتونى جدنر - ترجمة وتقديم -فايز الصباغ - مركز دراسات الوحدة العربية - ط 4 - 2001
[5] - د/ سونيا قزامل - عالم الكتب -2013
[6] - علم الاجتماع عبدالله العبد النبالى - دار الخليج 2020
[7] - مقدمة ابن خلدون - الجزء الثانى - تقديم عبد الله محمد الدرويش- دار البلخى - دمشق -2004- ط1
[8] - محمد الجوهري، المدخل إلى علم الاجتماع، سلسلة علم الاجتماع المعاصر، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية
[9] - جيمس برستيد - فجر الضمير - ترجمة سليم حسن - الهيئة العام المصرية للكتاب
[10] - مدخل إلى علم الاجتماع - د/ نجلاء عبد الحميد راتب - مرجع سابق
[11] - المرجع السابق
[12] - محمد عاطف غيث: علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية 1988
[13] - محمد علي أبو ريان: تاريخ الفكر الفلسفي من طاليس إلى أفلاطون، دار المعرفة الجامعية، ط5/ 1973
[14] - د/ التطور التاريخى لعلم الاجتماع- د/ غنى ناصر القرشى- مرجع سابق
[15] - مقدمة ابن خلدون - تحقيق عبدالله محمد الدرويش - مرجع سابق
[16] - مقدمة بن خلدون
[17] - https://ejtema3e.com/the-pioneers-of-social-thought/10-2013-07-27-21-43-54.html
[18] - الأصول الفلسفية العربية لعلم الاجتماع عند ابن رشد أحلام حميد الطانى - رسالة دكتوراه - الجزائر
[19] - مدخل إلى علم الاجتماع - د/ نجلاء عبد الحميد راتب
[20] - المرجع السابق
21] - بنها مرجع سابق
[22] - المرجع سابق
[23] - عاطف غيث، علم الاجتماع، ( 1988 )،
[24] - محمد عاطف غیث، 1986
[25] -http://alrai.com/article/10481411
[26] - نصيرة، مدخل إلى علم الاجتماع، محاضرات - كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية- جامعة محمد الصديق


المراجع :
1- د/مهدى محمد القصاص - مدخل لعلم الاجتماع - مكتبة مشالى -2010
2- عبدالله العبد النبالى دار الخليج للنشر والتوزيع - ط1-2020
3- مدخل إلى علم الاجتماع - د/ نجلاء عبد الحميد راتب - جامعة بنها - كود 51
4- أنتونى جدنر - ترجمة وتقديم -فايز الصباغ - مركز دراسات الوحدة العربية - ط 4 - 2001
5- د/ سونيا قزامل - عالم الكتب -2013
6- مقدمة ابن خلدون - الجزء الثانى - تقديم عبد الله محمد الدرويش- دار البلخى - دمشق -2004- ط1
7- التطور التاريخى لعلم الاجتماع - د/ غنى ناصر القرشى- جامعة بابل
http://www.uobabylon.edu.iq/uobColeges
8- محمد الجوهري، المدخل إلى علم الاجتماع، سلسلة علم الاجتماع المعاصر، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية
9- جيمس برستيد - فجر الضمير - ترجمة سليم حسن - الهيئة العام المصرية للكتاب
10- محمد عاطف غيث، علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية 1988
11- محمد علي أبو ريان: تاريخ الفكر الفلسفي من طاليس إلى أفلاطون، دار المعرفة الجامعية، ط5/ 1973
12- د/ التطور التاريخى لعلم الاجتماع- د/ غنى ناصر القرشى- مرجع سابق
13- مقدمة ابن خلدون - تحقيق عبدالله محمد الدرويش - مرجع سابق
14- الأصول الفلسفية العربية لعلم الاجتماع عند ابن رشد أحلام حميد الطانى - رسالة دكتوراة -الجزائر https://www.politics-dz.com