المورد البشري هو المورد الأهم والمحرك الأول لقاطرة التنمية، لذا أصبح موضوع التدريب واحدا من أهم متطلبات النجاح لأى مؤسسة؛ سواء أكانت مؤسسة تعليمية يناط بها إعداد كوادر قادرة على المنافسة في سوق العمل، أم مؤسسة عاملة تعمل على ثقل قدرات عامليها ورفع كفاءتهم المهنية.
ومع التقدم التكنولوجي وتزايد أهمية المعلومات في تحسين طرق أداء العمل وجودته، بما يشتمل عليه من تقليل للوقت والكلفة ورفع جودة الأداء؛ أصبحت المنظمات مضطرة إلى التفاعل مع هذه التغيرات المتسارعة وأن تعمل على تقييم أوضاعها وأداء كوادرها، وسد مواطن الخلل في مهارات عامليها، وذلك عن طريق الأخذ بعملية التدريب، إذ تعد عملية التدريب هى الوسيلة الأمثل للهيئات والمؤسسات في إدراك الكفاءة المنشودة، والتى أصبحت مطلبا أساسيا من متطلبات العصر.
ومن هنا تنبع أهمية التدريب الذي يمثل الاستثمار طويل الأجل على مستوى الموارد البشرية في المنظمة، والتدريب الإداري فيها. وكما تلعب الجامعات والمؤسسات التعليمية دورا رئيسا في صناعة العقول وبناء الفكر، فإنه منوط بها أيضا العمل على تهيئة الجو الملائم لطلابها والعاملين بها على السواء، بما يضمن رفع مستوياتهم المعرفية، وقدراتهم الأدائية وذلك للوصول إلى أعلى مستويات الكفاءة الإدارية أو إكساب الخبرات العملية لطلابها من خلال الاحتكاك المباشر بالمشكلات المحتمل مواجهتها، ولا يقل ذلك أهمية عن التعليم النظرى، بل يؤكده وينقله من نطاق النظريات إلى نطاق الواقع العملى، وتعتمد العملية التدريبية على تحديد وبناء هذه القيمة الجوهرية التي تضمن تحقيق ذلك.
وتشير الدراسات المعاصرة، أن التدريب هو أحد الوظائف الإدارية المهمة التي تلعب دوراً مهماً في نجاح العمليتين التعليمية والإدارية على مستوى الهيئات التعليمية ومنظمات الأعمال الإنتاجية والخدمية على حد سواء، فالتدريب بوصفة وظيفة أساسية من وظائف إدارة الموارد البشرية يجعل إدارة المنظمة أكثر فاعلية في تحقيق أهدافها وخططها الاستراتيجية. إذ من خلال العملية التدريبية تستطيع المنظمة الحصول على القدرات الإدارية القيادية والتنظيمية والكوادر والمهارات البشرية الأخرى المدربة والمؤهلة لإنجاز العملية الإنتاجية على اختلاف أشكالها.
وفى هذا البحث نتناول التدريب الميدانى من حيث مفهومه، أهدافه، مراحله وأساليبه.
أولاً: مفهوم التدريب:
تعرف الأمم المتحدة عملية التدريب بأنها عملية تبادلية لتعليم وتعلم مجموعة من المعارف والأساليب المتعلقة بالحياة العملية وهو نشاط لنقل المعرفة الى الأفراد والجماعات الذين يعتقد أنهم يستفيدون منها، فالتدريب باختصار هو نقل للمعرفة وتطوير للمهارات .[1]
وفيما يلى بعض ما ورد فى هذا التعريف :
- التدريب هو عملية إكساب الخبرة، ثم صقل هذه الخبرة للوصول لمرحلة الإجادة، و ينطوي ذلك على تكرار لنفس الأداء، و لكن في كل تكرار تحدث إضافة جديدة. [2]
- وهو "عملية منظمة تهتم باكتساب قدرات معينة أو الاحتفاظ بها فالتدريب له أهمية على مستوى المجتمع والمنظمة والفرد حيث أن دور أنشطة التدريب في تنمية الموارد البشرية تتجسد أهميتها من حيث انعكاس هذه الأنشطة بالإيجاب لصالح المجتمع والمنظمة والعاملين". [3]
- "وهو عبارة عن عملية إكساب العاملين باختلاف مستوياتهم الوظيفية في المنظمة، مهارات ومعرفة جديدة تساعدهم على امتلاك القدرة على الأداء الجيد في مسيرتهم الإنتاجية في الحاضر والمستقبل، وبما يصب في مصلحة تحقيق أهداف المنظمة، إضافة الى كونه عبارة عن إجراءات منظمة، ومخطط لها، تعمل على مساعدة العاملين في التخلص من أي سلوك أو تصرف يؤدي الى رداءة أو بطء الأداء، ويتم إجراء التدريب من خلال برامج محددة بشكل دقيق، بحسب الهدف المقصود، وتقع مسؤولية التدريب على عاتق إدارة المنظمة وإدارة الموارد البشرية والعاملين المتدربين، فإدارة المنظمة هى المنوط بها الاهتمام بإجراء عمليات التدريب للعاملين، باعتبار أن ذلك جزءا من مهمة استثمار المورد البشري ، أما إدارة الموارد البشرية فذلك جزء من مهمة إدارتها في إدارة وتطوير وتنمية العاملين، أما بالنسبة للعاملين فإن أداء التدريب بشكل جيد وناجح هو جزء من مسؤوليتهم تجاه المنظمة وضرورة تطوير مهاراتهم. [4]
- ويقصد به (العملية المنظمة المستمرة التي يكتسب الفرد من خلالها المهارات والمعارف والقدرات والافكار والآراء التي يتطلبها أداء عمل معين او تحقيق هدف معين).
- فالتدريب اذا "يهدف الى اكساب العاملين مهارات ترتبط بوظائفهم وتساعدهم على تصحيح الانحرافات في جوانب ادائهم. [5]
"وهو جهد منظم ومخطط له لتزويد القوى البشرية بمعارف معينة وتحسين وتطوير مهاراتها وقدراتها وتغيير سلوكها واتجاهاتها بشكل ايجابي بناء من خلال التعليم المخطط له مما يساعد في أداء الواجبات الحالية والمستقبلية بشكل أمثل."
التدريب: هو الطريقة التي تساعد المتدربين للوصول إلى طريقة العمل المثلي في عملهم الحاضر أو المستقبلي بتنمية عادات وأفكار وحركات ومهارات صحيحة فيهم بواسطة تزويدهم بعمل ومعلومات أو مهارات فنية.
التدريب: عملية مستمرة محورها الفرد في مجمله تهدف إلى إحداث تغييرات سلوكية وذهنية وفنية لمقابلة احتياجات حالية ومستقبلية يتطلبها الفرد والعمل الذي يؤديه في التنظيم/ المؤسسة التي يعمل بها والمجتمع الكبير.
- التدريب: فعالية يمارسها الإنسان منذ نشأته حيث يتعلم بالتقليد والتكرار نظريا أو عمليا، ويعني كذلك عملية اكتساب المعارف والخبرات والتقاليد والعادات منذ بداية حياته وباستمرار.
وبناء على ما جاء فى التعريفات السابقة يمكننا استخلاص ما للعملية التدريبة من أهمية تجعله واحدا من أهم المقومات الأساسية لبناء المجتمع وبناء مؤسساته الحكومية والأهلية بمختلف اختصاصاتها ومجالاتها وعلومها ومعارفها لما يقدمه من خبرات ومعارف ومهارات للأفراد ثم للمؤسسات بشكل عام. ولذلك يمكن اعتباره عملية منظمة مستمرة تعطي معلومات وخبرات جديدة وتطور عادات وتقاليد واتجاهات للفرد لكي يتقدم نحو الأفضل والقدرة على تجاوز الأخطاء والسلبيات التي كان يسلكها أو يقع بها دون معرفة. [6]
ثانيًا أهداف التدريب الميدانى :
يتمثل الهدف الأساسي من التدريب والعملية التدريبية في إحداث تغييرات في سلوك ومعارف المتدربين، بقصد التغلب على المشكلات والمعوقات القائمة والمحتمل حدوثها من أجل رفع الكفاءة الإنتاجية للأداء.
وتهدف عملية التدريب إلى تحقيق الأهداف التالية :
أولا: ضمان أداء العمل بفاعلية وسرعة وسد الثغرات التي توجد بين معايير الأداء التي يحددها الرؤساء وبين الأداء الفعلي للعاملين.
ثانيا: ترغيب الموظف في عمله بتنمية ولائه وانتمائه للعمل باعتبار إن زيادة إنتاجيته مرهونة برغبته في أداء العمل.
ثالثا: توفير الدافع الذاتي لدى الموظف لزيادة كفاءته وتحسين إنتاجيته كما ونوعا من خلال توعيته بأهداف المنظمة وسياساتها وبأهمية عمله ومدى مساهمته في تحقيق تلك الأهداف؛ فهناك ضرورة ملحة لتقبل الموظف أهداف المنظمة ورسالتها لضمان أن يكون عمله هادفا وذا قيمة وفعالية.
رابعا: زيادة مهارات وقدرات الموظف واقتناعه بمقومات تؤهله للترقية للمناصب الأعلى، كما أن من الأهداف الرئيسية للتدريب تنمية وتغيير سلوكيات الأفراد لسد الثغرة بين مستوى الأداء الفعلي ومستوى الأداء المطلوب الوصول اليه ورفع مستوى أداء الفرد وتنمية مهاراته ومعارفه واتجاهاته فيما يتعلق بميدان عمله وصولاً الى علاقة ايجابية مرهونة بتحقيق أهداف المنظمة والأهداف التي يتطلع اليها الموظف. [7]
أنواع التدريب
هناك أنواع متعددة من البرامج التدريبية التي تعتمدها منظمات الأعمال، وفيما يلي إيضاحا لأنواع التدريب:
1- التدريب وفق المستوى التنظيمي: ويقسم إلى خمسة أنواع:
أ- التدريب المهني: ويهدف إلى إكساب الفرد مهارات ومعرفة الأداء في مهنة معينة، ويشمل هذا الأفراد الذين تم تعيينهم حديثا، وربما يشمل أيضا القدامى من العاملين لإكسابهم مهارات جديدة وتحديث لمعلوماتهم.
ب- التدريب الإداري: وينصب هذا النوع من التدريب على الأفراد العاملين في المجال الإداري والتنظيمي العمل الإداري، وأحيانا يكون هذا النوع من التدريب لغرض تهيئتهم لشغل مناصب إدارية عليا.
جـ - التدريب الإشرافي: ويشمل هذا النوع من التدريب الأفراد المشرفين لزيادة مهاراتهم وقدراتهم في الإشراف والتعامل مع الأفراد في ظل مسؤولياتهم نحو تحقيق رضا العاملين وتوجيههم لتحقيق الأهداف المراد إنجازها.
د- التدريب التخصصي: ويهدف هذا النوع من التدريب زيادة المهارات التخصصية في جانب معين من الاختصاصات المهنية وغالبا ما يشبه التدريب المهني إلا أنه يرتبط ارتباطا وثيقا بمجال تخصصي من الأطر الوظيفية والمهنية.
هـ - تدريب المدربين: ويتم فيه تدريب المدربين للقيام بمهامهم التدريبية ورفع كفاءتهم للتعامل الناجح مع الأفراد الذين يتولون تدريبهم وخصوصا في المجالات السلوكية والفكرية، واستيعاب المدربين لنظريات التعلم والاتصال وأساليب التدريب.
2- التدريب وفق الزمن:
ويعتمد هذا النوع من التدريب على المدة الزمنية المطلوبة للتدريب وهي:
أ-التدريب قصير الأجل: ويستغرق هذا النوع من التدريب فترة أسبوع إلى ستة أسابيع ويتم فيه عقد دورات تدريبية بصورة مكثفة ومركزة حول البرنامج التدريبي.
ومن عيوبه عدم توفر الوقت الكافي للتدريب لتغطية الموضوع بصورة تفصيلية وكاملة وشمولية.
ب- التدريب طويل الأجل: وفي هذا النوع من التدريب يمتد إلى سنة أو أكثر ولذلك لحصول المتدرب على المعلومات الكافية حول المادة التدريبية مما يجعل الاستفادة منها أكبر قياسا بالتدريب قصير الأجل، ومن العيوب التي تؤخذ على هذا النوع من التدريب طول الفترة الزمنية بالإضافة عن التكاليف الناجمة عن العملية التدريبية.
3- التدريب وفق نوعية الأفراد
ويأخذ هذا النمط بعدين أساسيين هما:
أ- التدريب الفردي: ويتم في هذا النوع من التدريب تطوير المهارات والقدرات الفردية التي تتعلق بالأفراد لغرض ترقيتهم الى مراكز إدارية أعلى ولهذا فهو يقتصر على الافراد المعنيين.
ب- التدريب الجماعي: ويعتمد هذا الأسلوب من التدريب على مجموعة من الأفراد المراد تدريبهم جماعيا "وفي مراكز تدريبية متخصصة لغرض تطوير مهاراتهم في مجالات عملهم كتدريبهم مثلا على استخدام الحاسوب أو التقنيات الحديثة في العمل [8]
الفرق بين التعلم والتعليم والتدريب:
"لم تعد أهمية التعليم محلا لجدل، بل الصبح الجدل فى فيما يحتويه من تفاصيل دقيقة وتخصصات أدق، ولعل المصطلح الأشهر فى هذه المرحلة، هو مصطلح التعليم المستمر، وأحيانا التعلم المستمر، وهنا يتوجب علينا التوقف أولاً لبيان ما بين المصطلحين من اختلاف، قبل الخوض فى علاقة كل منهما بالتدريب.
مفهوم التعليم: هو عملية تنمية معرفية للفرد، لا تحتاج إلى هدف وظيفي محدد، يتم من خلالها تنمية القدرات الفكرية والتطبيقية بشكل عام.[9]
مفهوم التعلم :هو عملية تلقي المعرفة والقيم والمهارات من خلال الدراسة أو الخبرة مما قد يؤدي إلى تغير دائم في السلوك، تغير قابل للقياس بحيث يعيد توجيه الفرد الإنساني ويعيد تشكيل بنية تفكيره العقلية.[10]
والاختلاف ببساطة أن المعلم يقوم بالتعليم، والطالب يقوم بالتعلم .. هكذا الفرق ببساطة.
أما التدريب: فيمكن وصفه بأنه نقل محتوى تدريبي أو مهارة تدريبية من شخص (المدرب) إلى شخص/ أشخاص آخرين (متدربين) بحيث يتم فهم محتوى أو اكتساب المهارة بشكل صحيح من قبل المتدربين. [11]
فهو كما سبق وبينا .. نشاط إنسانى مخطط له يهدف إلى إحداث تغييرات في جوانب مختارة لدى المتدربين.
ومما سبق يتضح أن التدريب ليس هدفاً في حد ذاته وإنما هو وسيلة منظمة تستهدف تحسين وتنمية قدرات واستعدادات الأفراد، بما ينعكس أثره على زيادة أهداف المنظمة، حيث يعتبر الوسيلة الأهم التي تؤدي إلى تنمية وتحسين الكفاءة الإنتاجية للمنظمات .وأنه استثمار مستقبلى فى المورد البشري. "يعد التدريب مصدرا مهما من مصادر إعداد الكوادر البشرية وتوير كفاءاتهم وتطوير أداء العمل، لذا يعد التدريب انتاجا استثماريا يحقق عائدا ملموسا يسهم فى تلبية احتياجات النمو الاقتصادى والاجتماعى فضلا عن كونه وسيلة مهمة فى محاولات اللحاق بركب التقدم التكنولوجى" [12]
انطلاقا من هذا المفهوم للتدريب تبدو أهمية التدريب للموظف الجديد والموظف القديم على السواء؛ فالموظف الجديد الذي يلتحق حديثاً بالمؤسسة قد لا تتوافر لديه بعد المهارات والخبرات الضرورية لأداء واجبات الوظيفة بالكفاءة المطلوبة، مثل:
-إكساب المتدرب المهارات التي تجعل قادراً على أداء الواجبات المتوقعة منه بطريقة مرضية
- رفع مستوى الأداء و زيادة الإنتاجية والإنجاز
- تعرف اتجاهات وأساليب جديدة فى العمل
- تحقيق الإرضاء الوظيفى [13]
- مواكبة المؤسسات لمتطلبات البيئة المتغيرة والتطوير والتحديث الحاصلين فى المحيط.
- تقليل أخطاء العاملين وعيوب العمل، نظرا لإلمامهم بأعمالهم وقدرتهم على الأداء وتحقيق الرضا الذاتى.
- غرس أخلاقيات وسلوكيات جديدة واتجاهات تسهم فى تحسين جو العمل [14]
دوافع التدريب :
من خلال مفاهيم التدريب وأهميته نجد أن دوافع التدريب تتمثل في :
1- زيادة الإنتاج: وذلك بزيادة الكمية وتحسين النوعية من خلال تدريب العاملين على كيفية القيام بواجباتهم بدرجة عالية من الإتقان ومن ثم زيادة قابليتهم للإنتاج.[15]
2- الاقتصاد في النفقات: حيث تؤدى البرامج التدريبية إلى خلق مردود أكثر من كلفتها وذلك عن طريق رفع الكفاءة الإنتاجية للعاملين والاقتصاد في الوقت نتيجة للمعرفة الجيدة بأسلوب العمل وطريقة الأداء.[16]
3- رفع معنويات العاملين: إذ عبر التدريب يشعر العامل بجدية المؤسسة في تقديم العون له ورغبتها في تطويره وتمتين علاقته مع مهنته التي يتعيش منها مما يؤدى ذلك إلى زيادة إخلاصه وتفانيه في أداء عمله [17]
4- توفير القوة الاحتياطية في المنشأة: بحيث يمثل مصدراً مهماً لتلبية الاحتياجات الملحة في الأيدي العاملة، فعبره يتم تخطيط وتهيئة القوى العاملة المطلوبة.[18]
5- التقليل في الإسراف: لأن تدريب العاملين معناه تعريفهم بأعمالهم وطرق أدائها وبذلك يخلق معرفة ووعياً وقدرة على النقد الذاتي بشكل لا يحتاج معه المدرب إلى مزيد من الإشراف والرقابة في أدائه لعمله. [19]
6- القلة في حوادث العمل: إن التدريب معناه معرفة العاملين بأحسن الطرق في تشغيل الآلة وبحركة ومناولة المواد وغيرها ما يعد مصدراً من مصادر الحوادث الصناعية ويعمل التدريب على القضاء أو التقليل من تلك الحوادث المرتبطة بهذه العمليات . [20]
ثالثا: مراحل التدريب وأساليبه:
المرحلة الأولى، تحديد الاحتياجات التدريبية:
إن الخطوة الأولى والأساسية في العملية التدريبية هي تحديد الاحتياجات التدريبية، أي تحديد ما هو التدريب المطلوب. وذلك بصورة مستمدة من احتياجات المنظمة، وتساعد على تحقيق غاياتها. [21]
والحقيقة فإن كل الخطوات الأخرى في العملية التدريبية تستند إلى هذه الخطوة التشخيصية، فمحتوى البرامج التدريبية، والأساليب المستخدمة في التدريب ونوعية المتدربين ومستواهم الوظيفي والوقت والجهد الذي سيبذل كلها تعتمد على الاحتياجات التدريبية. والاحتياجات التدريبية هي مجموعة التغيرات والتطورات المطلوب إحداثها في معلومات العاملين ومهاراتهم وسلوكهم، لرفع كفاءتهم وفقا لمتطلبات العمل بما يساعد في التغلب على المشكلات التي تعترض سير العمل في المنظمة ويسهم بتطوير الأداء والارتقاء بمستوى الخدمات بشكل عام.
وتحديد الاحتياجات التدريبية لا يتم بصورة عشوائية وإنما على أساس التخطيط السليم والدراسة الدقيقة لطبيعة الوظائف وللمهارات والقدرات المطلوب أدائها في المنظمة؛ ولكن بالرغم من أهمية تحديد الاحتياجات التدريبية بناء على تحليل دقيق لحاجات المنظمة فإن المنظمات في كثير من الأحيان تقوم بإخضاع موظفيها للتدريب دون أن تكون ثمة حاجة فعلية إلى تطوير قدرات أو مهارات معينة أو لتحسين مستوى الأداء في أعمال معينة الأمر الذي يكون فيه إهدار للوقت والمال والجهد .
والحقيقة أنه ليس من السهل دائما تحديد الاحتياجات التدريبية وفي هذا الصدد ينبغي للمديرين وموظفي إدارة الموارد البشرية التنبه إلى بعض المؤشرات التي تساعد على إظهار مدى الحاجة إلى التدريب، ومن ثم تحديد نوع التدريب المطلوب وكيفية تنفيذه، وثمة حالات تكون فيها المؤشرات للحاجة إلى التدريب واضحة فعلى سبيل المثال فإن المنظمة التي تتوسع في ميكنة عملياتها ومن ثم تلغي بعض الوظائف قد تلجأ في حالة وجود وظائف شاغرة أخرى في المنظمة إلى إعادة تأهيل بعض موظفيها لشغل تلك الوظائف كذلك فإن التوسع في استحداث عدد من الوظائف الجديدة يتطلب برنامجا تدريبيا لشغل الوظائف الشاغرة بالإضافة إلى أن تغيير أساليب العمل أو تغيير الخدمات المقدمة أو تغيير مواقع الأفراد بسبب النقل أو الترقية أو التكليف أو وجود معدلات عالية من الأخطاء في أداء الأعمال في أحد الأقسام قد يكون مؤشرا على الحاجة إلى تدريب لتطوير مهارات العمل.
إلا إنه في حالة غياب مؤشر واضح للحاجة إلى التدريب فإن المسؤولية تقع على عاتق إدارة المنظمة لتقوم بالتحليل الدوري للعمليات التنظيمية، وتحديد ما إذا كانت هناك حاجة فعلية إلى تدريب الموظفين وفي هذا الخصوص يجب أن تتبنى المنظمة آلية منتظمة لتحديد الاحتياجات التدريبية فيها. وبصفة عامة يتم تحديد الاحتياجات التدريبية باستخدام ثلاثة أنواع من التحليلات هي تحليل المنظمة، تحليل المهام، تحليل الأفراد.
المرحلة الثانية ، تحديد أهداف التدريب:
في هذه المرحلة يتم ترجمة الاحتياجات التي تم تحديدها في المرحلة الأولى إلى أهداف زمنية وكمية ونوعية محددة لتكون بمثابة المرشد للجهود التالية للتدريب. وتتضمن هذه الأهداف تحديد ما الذي ينبغي للمتدرب اكتسابه، أو ما الذي ينبغي أن يكون المتدرب قادرا على أدائه، ولم يكن قادرا على أدائه من قبل، بعد انتهائه من التدريب.
ويتعين أن يتم تحديد هذه الأهداف بصورة واضحة ومحددة وقابلة للقياس، بحيث يمكن تقويم مدى نجاح التدريب أو إخفاقه من خلال الرجوع إلى هذه الأهداف.
وتشمل أهداف البرامج التدريبية في العادة ثلاثة جوانب رئيسة هي: المعارف، والمهارات، والاتجاهات.
وتهدف المعارف إلى تزويد المتدرب بالمعلومات، والمفاهيم، والنظريات والمبادئ الأساسية، والأنظمة، واللوائح، والسياسات، التي تساعد المتدرب على أداء عمله.
أما المهارات فتتعلق باكتساب القدرة على الممارسة والتطبيق العملي لوسائل محددة لأداء الأعمال. بينما تعنى الاتجاهات بالتأثير على أفكار المتدرب وقيمة نحو الأفراد أو الأشياء أو المواقف بطريقة إيجابية.
ويشمل تحديد الأهداف تعيين الهدف الرئيس، والأهداف الفرعية. فأما الهدف الرئيس، فهو النتيجة الكلية للبرنامج التدريبي بأكمله، والركيزة التي يرتكز عليها البرنامج التدريبي، وتدور حوله مجهودات التدريب وتهدف إلى الوصول إليه.
وأما الأهداف الفرعية، فهي سلسلة النتائج المؤدية إلى هذه النتيجة الكلية . فقد يكون الهدف الرئيس، مثلا تدريب طائفة من المشرفين على اكتساب القدرة على اتخاذ القرارات في مدة محددة. وقد تكون الأهداف الفرعية المؤدية له تنمية معلومات هؤلاء المشرفين في العملية الإدارية، وإلمامهم بمكونات الإدارة ووظائفها، وزيادة وعيهم بالجوانب التنظيمية والإنسانية والفنية للمشكلات التي يصادفونها.
ويعد كل واحد من هذه الأهداف الفرعية وسيلة للهدف الذي يليه ،ومن ثم وسيلة تحقيق الهدف الكلي.
فإذا تمت زيادة معلومات المشرفين بالعملية الإدارية فإن ذلك يمكنهم من تفهم المشكلات التي يصادفونها في أعمالهم. وإذا أمكن فهم المشكلات ،زادت قدرتهم على تحليلها، ومن ثم مهاراتهم في فحص الأسباب وبحث البدائل الممكنة للحلول. وهكذا إلى أن يصل هؤلاء المشرفون للهدف الرئيسي، وهو القدرة على اتخاذ القرارات.
المرحلة الثالثة، تصميم البرامج التدريبية:
بعد تحديد الاحتياجات التدريبية، وتحديد الأهداف التدريبية، فإن الخطوة التالية تكون تصميم البرامج التدريبية للشروع في التنفيذ الفعلي للتدريب. ويعنى تصميم البرامج التدريبية بتحديد محتوى التدريب ،واختيار الأساليب التدريبية، والمدربين، ومدة البرنامج ومكانه وتكاليفه، وسيتم التركيز فيما يلي على الأساليب الأساسية للتدريب.
يتطلب تصميم البرامج التدريبية تحديد أسلوب التدريب المناسب، الذي يساعد على تحقيق الأهداف التدريبية على أفضل وجه ممكن. وأساليب التدريب هي الوسائل التي يمكن استخدامها من أجل نقل المعارف، والمهارات، والاتجاهات المرغوبة للمتدرب.
وهناك العديد من الأساليب التدريبية، ويعتمد اختيار الأسلوب المناسب منها على عدد من المعايير، التي من بينها ما يلي:
- نوع السلوك المطلوب اكتسابه (مهارات فنية، مفاهيم ،مهارات لفظية، اتجاهات، .. الخ)
- عدد الموظفين المطلوب تدريبهم
- مستوى القدرات التي يتمتع بها المتدربون
- الفروق الفردية بين المتدربين
- تكاليف التدريب بالنظر إلى المعلومات المختلفة
المرحلة الرابعة، تقويم التدريب:
من الضروري الحرص على تقويم التدريب بأسلوب علمي لتحديد مدى فاعليته في تحقيق غاياته. "ويمكن تقويم التدريب من خلال أربعة مستويات من النتائج رد الفعل، التعلم، السلوك، والنتائج". [23]
- رد الفعل: ويتم بقياس شعور المتدربين تجاه العناصر المختلفة للبرنامج التدريبي، بما في ذلك محتوي البرنامج، أساليب التدريب، قدرة المدرب وأسلوبه، بيئة التدريب، مدى تحقيق أهداف التدريب.
- التعلم (التعليم المكتسب): ويتم باختبار المتدربين قبل التدريب وبعده، ومقارنة نتائج الاختبار. وتساعد مقارنة النتائج في الحالتين على تحديد مقدار التعلم الذي نتج عن البرنامج. وإذا ما تم تصميم الاختبارات بطريقة سليمة يمكن تحديد مقدار التعلم الذي يرجع إلى البرنامج، وليس إلى الخبرة السابقة أو أية عوامل أخرى.
- السلوك: يقيس تقويم السلوك مدى تأثير التدريب في الأداء الفعلي للموظف. وهنا يتم التقويم من خلال إجراء مقابلات مع الموظفين وزملائهم ورؤسائهم، أو من خلال مراجعة نتائج تقويم الأداء الوظيفي. وحتى يكون التقويم أكثر دقة، يتم قياس الأداء قبل التدريب وبعده لتحديد الفرق في السلوك، أو من خلال مقارنة أداء الموظفين الذين تلقوا التدريب وأولئك الذين لم يتلقوه. ولكن ينبغي مرور مدة كافية من الزمن بعد انتهاء البرنامج التدريبي لإجراء التقويم، حتى يتاح للمتدربين تغيير سلوكهم وتطبيق ما تعلموه.
تصنيف أساليب التدريب:
يمكن تصنيف أساليب التدريب بطرق متعددة. فعلى سبيل المثال ،يمكن تصنيفها حسب مكان التدريب في فئتين رئيستين: تدريب على رأس العمل، وتدريب خارج العمل. ويمكن تضيفها حسب الموضوع العام للتدريب، إلى تدريب مهني، وفني، وسلوكي. أو حسب المتدربين؛ تدريب فردي وتدريب جماعي . ولكننا سنتناول هذه الأساليب بتصنيفها في ثلاث فئات رئيسية على النحو التالي:
- أساليب المحتوى: التي تصمم لتقديم المعرفة أو المعلومات للمتدربين.
- أساليب العمليات: التي تهدف بصورة رئيسة إلى تغيير الاتجاهات وتطوير الوعي بالذات وبالآخرين، والتأثير في مهارات العلاقات الشخصية للمتدربين. [22]
- الأساليب المختلطة: التي تتضمن نقل المعلومات، وكذلك تغيير الاتجاهات.....
الخلاصة:
يجرى هذا النوع من التقويم من خلال مقارنة السجلات قبل التدريب وبعده. وتعد هذه الوسيلة من أكثر الوسائل صعوبة لتقويم التدريب، مكمن الصعوبة أن المقاييس المستخدمة فيها لا تأخذ في الحسبان المتغيرات الصغيرة التي قد تؤثر في النتائج، والتي قد لا يكون لأداء الموظف دخل فيها. وقد يكون أفضل وسيلة لتنفيذ هذا النوع من التقويم من خلال استخدام المقاييس القبلية والبعدية للجوانب التنظيمية المطلوب إحداث التغيير فيها، ومن ثم استنساخ ما إذا كان التدريب عنصرا جوهريا في استحداث التغيير. [24]
ولأن المورد البشري هو المورد الأهم، والمحرك الأول لقاطرة التنمية، فقد أصبح موضوع التدريب أحد أهم متطلبات النجاح لأى مؤسسة؛ تعليمية أو إنتاجية أو خدمية.
يأتى ذلك من منطلق مجموعة الأهداف التى تختص بكل منظمة، كل بحسب اختصاصه، غير أن هناك مبادئ تنظم عملية التدريب، منها الأهداف والأهمية وأسلوب التدريب وتسلسل مراحله إضافة إلى طريقة التقويم .
فأما الأهداف: فيمكن اختصارها في إحداث تغييرات في سلوك ومعارف المتدربين، بقصد التغلب على المشكلات والمعوقات القائمة والمحتمل حدوثها من أجل رفع الكفاءة الإنتاجية للأداء.
وتهدف عملية التدريب إلى تحقيق الأهداف التالية، ضمان أداء العمل بفاعلية وسرعة وسد الثغرات التي توجد بين معايير الأداء التي يحددها الرؤساء وبين الأداء الفعلي للعاملين، ترغيب الموظف في عمله بتنمية ولائه وانتمائه للعمل باعتبار إن زيادة إنتاجيته مرهونة برغبته في أداء العمل، توفير الدافع الذاتي لدى الموظف لزيادة كفاءته وتحسين إنتاجيته كما ونوعا من خلال توعيته بأهداف المنظمة وسياساتها وبأهمية عمله ومدى مساهمته في تحقيق تلك الأهداف؛ فهناك ضرورة ملحة لتقبل الموظف أهداف المنظمة ورسالتها لضمان أن يكون عمله هادفا وذا قيمة وفعالية، زيادة مهارات وقدرات الموظف واقتناعه بمقومات تؤهله للترقية للمناصب الأعلى.
كما أن تنمية وتغيير سلوكيات الأفراد واحد من الأهداف الرئيسية للتدريب؛ لسد الثغرة بين مستوى الأداء الفعلي ومستوى الأداء المطلوب الوصول اليه ورفع مستوى أداء الفرد وتنمية مهاراته ومعارفه واتجاهاته فيما يتعلق بميدان عمله وصولاً الى علاقة ايجابية مرهونة بتحقيق أهداف المنظمة يمكن تصنيف أساليب التدريب بطرق متعددة.
فعلى سبيل المثال، يمكن تصنيفها حسب مكان التدريب في فئتين رئيستين: تدريب على رأس العمل، وتدريب خارج العمل. ويمكن تضيفها حسب الموضوع العام للتدريب، إلى تدريب مهني، وفني، وسلوكي. أو حسب المتدربين؛ تدريب فردي وتدريب جماعي.
ويمكن تصنيف هذه الأساليب في ثلاث فئات رئيسية؛ أساليب المحتوى، أساليب العمليات، الأساليب المختلطة.
الهوامش:
[1] عائدة عبد العزيز نعمان - رسالة ماجستير - جامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا - 2008
[2] الأكاديمية العربية البريطانية للتعليم العالى-https://www.abahe.uk/training-concept.html
[3] عائدة عبد العزيز نعمان - رسالة ماجستير - جامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا - 2008
[4] د/ ثناء عبد الكريم - كلية الإدارة والاقتصاد - جامعة بابل - 3/12/2018
[5] المرجع السابق
[6] رسالة دكتوراه - جامعة سانت كليمنتس العالمية - دور تدريب الموارد البشرية في بناء القدرات الإدارية القيادية -2012
[7] عائدة عبد العزيز نعمان - رسالة ماجستير - جامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا - 2008
[8] د/ ثناء عبد الكريم - كلية الإدارة والاقتصاد - جامعة بابل - 3/12/2018
[9] إعداد المدرب المبدع – د/ أسامة محمد سيد على – دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع
[10] لمعجم المصرى فى التربية - د/ تونيا قزامل – عالم الكتب – ط 1/2013
[11] نظرية التدريب: التحول من أفكار ومبادئ التدريب إلى واقعه الملموس محمود أحمد رضوان - 2013 – المجموعة العربية للتدريب 2013
[12]التربية المهنية – محمود محمد الجراح – أمواج للنشر والتوزيع ط1 - 2013
[13] التربية المهنية – محمود محمد الجراح – أمواج للنشر والتوزيع ط1 - 2013
[14] التدريب الميداني تعريفه اهميته مراحله – سامية موسى إبراهيم ، نائلة فائق – عالم الكتب 2010
[15] نظرية التدريب: التحول من أفكار ومبادئ التدريب إلى واقعه – مرجع سابق
[16] إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات – عبد الله حسن مسلم 2015
[17] المرجع السابق
[18] المرجع السابق
[19] إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات – مرجع سابق
[20] إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات – مرجع سابق
[21] إدارة الموارد البشرية – مازن فارس رشيد مكتبة العبيكان – السعودية – الطبعة 3/ 2009
[22] إدارة الموارد البشرية – مازن فارس رشيد مكتبة العبيكان – السعودية – الطبعة 3/ 2009