الجذور الفرعونية للأغنية المصرية / دراسة أدبية - الجزء الأول

يناير 07, 2021


مقدمة:

فى الماضى كانت للغناء أهدافٌ عدة غير تلك التى أضحت، فلم يكن سلعة تجارية هدفها الكسب والاستثمار، بل كانت له أهداف أنبل وأعظم؛ إذ كان إحدى طرق العبادة والابتهال عند الأقدمين، كما كان الناصح والمبشر فى حلكة العصور المدبرة. ولدينا فى تراثنا الغنائى القديم ما يؤكد على عظمة هذا الفن وجلال شأنه وعمق توجهاته.

ولقد حاولت جاهدا فى تناولى لتاريخ الأغنية المصرية ألا أشق على القارئ العادى وغير المتخصص؛ فلم استرسل فى تفاصيل قضاياها الأدبية والفنية؛ وإنما اكتفيت بإظهار الملامح العامة للأغنية الفرعونية من حيث نشأتها ومراحل تطورها، بينما خصصت فصلا كاملاً لعرض بعض من نماذج الغناء المصرى القديم، التى ارتبطت ارتباطا وثيقا بالأحداث التاريخية. فلم تكن مراحل تطور الأغنية المصرية سوى نتاجات الأحداث التى مرت بها، فكونا معا معادلة متزنة تبادلا موقعيهما بين طرفيها باختلاف الأحداث؛ فشارك كل منهما فى صناعة الآخر وأدى إليه.

كما حاولت فى الفصل ذاته أن أقدم مجموعة من النصوص الغنائية القديمة التى تُبرِز الأبعاد الفكرية والفلسفية للأغنية آنذاك، وما كان لها من دور حيوى ومؤثر دينيًا واجتماعيًا وسياسيًا.

ولأننى جمعت فى طريقة عرضى بين تاريخ الأغنية والأحداث السياسية والتاريخية التى عاصرتها فى مراحلها المختلفة؛ فقد كان طبيعيًا أن أصل إلى مرحلة التحول عن اللغة القومية إلى تلك اللغة التى أصبحنا عليها اليوم؛ فخصصت الفصل الثالث لعرض ومناقشة قضية التعريب - وإن استخدمت فى عرضى أسلوبًا مختصرًا، بينت من خلاله الأسباب والظروف التى أدت إلى ذلك التحول كإجابة بسيطة على ذلك السؤال الذى ولا شك داعب أذهانًا عدة.

ولقد أردفت هذا الفصل بفصلٍ تمهيدى للجزء الثانى من الدراسة، تعرضت من خلاله لتلك المؤثرات والعوامل التى نتج عنها ما يُعرَف باللهجات العامية، ودور الغناء، بصفة خاصة، فى انتشار تلك اللهجات الجديدة.

وسوف يكتشف القارئ ما كان للأغنية من تأثيرات مختلفة ساهمت فى صناعة التاريخ، وفى صياغة اللغة بلا أدنى مبالغة. وهى بلا شك مؤهلة للقيام بهدا الدور، كما سنرى من خلال هذه الدراسة فى الأجزاء القادمة.



تابع الجذور الفرعونية للأغنية المصرية/ الجزء الثانى

مواضيع ذات صلة

Previous
Next Post »