التطور التاريخى لعلم الاجتماع

يناير 24, 2021


الإنسان كائن اجتماعى بطبعه، لا يستطيع العيش بمفرده؛ لذلك فقد انضوى تحت مظلة الجماعة منذ بداياته الأولى؛ سواء كانت قبيلة أو عشيرة أو دولة.

وقد ظهرت البواكير الأولى لعلم الاجتماع من بين ثنايا الفلسفات الإغريقية القديمة، فى (الجمهورية، السياسى، القوانين) عند افلاطون، وفي كتاب (السياسة) عند أرسطو، كما ظهرت في كتابات مفكرينا الأوائل أمثال الجاحظ، وابن رشد، وابن خلدون الذى تكلم في مقدمته، عن علم جديد أسماه علم العمران، والذى سعى فيه إلى كشف القوانين التى تفسر الظواهر الاجتماعية المختلفة، فدرس العمران ونظمه وأرجع الظواهر إلى قوانين ثابتة، وليس إلى المصادفة أو إرادة الأفراد [1]. ثم ميَّز أوجست كُونت بين الظواهر الاجتماعية والظواهر الفردية، وجعل من الظواهر الاجتماعية علمًا واقعيًا وضعيًا أسماه علم الاجتماع [2].

ويمكن القول بأن المرحلة التمهيدية لعلم الاجتماع بدأت منذ نشر مونتسيكو كتابه روح القوانين وحتى ظهور أعمال كونت وهربرت سبنسر خلال الفترة من منتصف القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر .

ويمكن اعتبار النصف الثانى من القرن التاسع عشر بأنه الفترة التى تشكل فيها علم الاجتماع باعتباره علمًا مستقلا، ثم توالت إسهامات رواد علم الاجتماع مثل إيميل دوركايم، ورايت ويلز، وجورج لينرج، و بيتريم سوروكين، وتعددت نظرياتهم، فتوسعت أفكار هذا الميدان الثرى ليتشعب إلى ميادين عدة أكثر تخصصًا، بدأها دوركايم بثلاثة ميادين هى، المورفولوجيا ويعنى بالتركيب الجغرافى والسكانى، الفسيولوجيا الاجتماعية التى تعالج مجموعة العلاقات والتفاعلات بين الجماعات كالعقيدة والأخلاق والقانون والحياة الاقتصادية، الاجتماع العام ويمثل العلم الشامل الذى يجمع النتائج والقوانين العامة التى تصل إليها فروع علم الاجتماع مهما تباينت مقدمات تلك النتائج وأساليب استنباط تلك القوانين، ليتطور علم الاجتماع تطورا تخصصيا، وليُفتح الباب أمام العديد من التخصصات الأخرى.

تعريف علم الاجتماع :

تعددت تعاريف علم الاجتماع بتعدد العلماء والنظريات والمذاهب فقد عرفه مؤسسه أوجست كونت بأنه "الدراسة العلمية للمجتمع"[3]

وعرفه انتونى جدنر بأنه "العلم المعنى بدراسة الحياة الاجتماعية والمجتمعات الإنسانية [4] وهو العلم الذي يُعنى بدراسة الظواهر الاجتماعية، والعلاقات التى تنشأ بين أفراد هذه الجماعات من حيث تكوينها واتجاهاتها وأهدافها [5]

ويعتبر ابن خلدون أول من لفت الانتباه إلى هذا العلم وأرسى قواعده الأساسية وأعطاه اسم علم العمران، فقد صرّح بشكل مباشر عن اكتشافه علماً مستقلاً لم يتكلم به أي أحد آخر قبله، حيث كان له أيضاً ملاحظات ذكية في طبائع العمران البشري، والتي ذكرها في مقدمته المشهورة،[6] وعلى الرغم من ذلك فإنّ البداية الواقعية لنشأة علم الاجتماع تنسب إلى أوجست كونت.

ويعد علم الاجتماع من العلوم الحديثة نسبياً بالمقارنة بالعلوم الاجتماعية الأخرى مثل: الاقتصاد، وعلم الإنسان، والتاريخ، وعلم النفس، وبالتالي فهو ظهر كردّ أكاديمي على تحدي الحداثة، فعلم الاجتماع لا يمكن أن ينفصل عن تاريخ الفلسفة الاجتماعية، وبالتالي ارتبطت نشأة علم الاجتماع بنشوء الفلسفة مثل بقية العلوم الأخرى، حيث إنّ علم الاجتماع لا يمكن أن يفهم الواقع دون إطار فلسفي يعود إليه في تجريد الظاهرة الاجتماعية، والربط بين معطياتها ومعطيات المجتمع والتاريخ.

وقد حصل هذا العلم على استقلاله الذاتي بفعل تعقّد الحياة الاجتماعية الذى فرض تشعبه إلى عدة ميادين مختلفة، بحيث يدرس كل منها جانباً من جوانب الحياة الاجتماعيّة.

مراحل تطور علم الاجتماع :

إن تاريخ علم الاجتماع كعلم مستقل له حدود واضحة لا تزيد عن مائة وخمسين عاما على الأكثر. ولكن هل معنى هذا أن البشرية لم تهتم بقضايا وموضوعات الحياة الاجتماعية إلا منذ هذا التاريخ القريب؟؟

الواقع أن البشر قد انتبهوا منذ آلاف السنين إلى كثير من تلك الموضوعات وعديد من هذه القضايا (وخاصة المشكلات) التي نهتم اليوم بدراستها دراسة علمية، ولكن ما يميز دراستنا عن دراستهم هو – في المقام الأول – استخدام ( المنهج العلمي في جمع المعلومات وتأويلها)[7]

من هذا المدخل يمكننا أن نقسم مراحل تطور علم الاجتماع إلى ثلاث مراحل:

- بدأت الأفكار التى ننسبها اليوم إلى علم الاجتماع بالظهور في مخطوطات المصريين القدماء وكتب الفلسفة الصينية واليونانية القديمة عند كونفشيوس وأفلاطون وأرسطو في كتب لا تحمل عناوينها شيئا عن علم الاجتماع، فالبدايات الحقيقية لعلم الاجتماع قديمة قدم الإنسان.

يقول جيمس برستيد في كتابه فجر الضمير عن الأخلاق الاجتماعية والسلوك الإنسانى في مصر القديمة "والواقع أن الوثائق تكشف لنا عن فجر الضمير ونشوء أقدم مثل للسلوك وما نتج عن ذلك من ظهور عصر الأخلاق ..الذى يعد رؤيا جديدة للأمل في زماننا هذا"[8]

وفي الصين بدأ "كونفوشيوس (551 ق.م) في توعية معاصريه بنشر مبادئ وقيم أخلاقية واجتماعية تدور حول شؤون السلطة وإدارة المجتمع، لم يذهب باتجاه الحديث عن أمور ما وراء الطبيعة، ولا بحث في نظام الكون وسننه، ولم يهتم بالبحث في الماديات وظواهر الطبيعة، كما فعل فلاسفة اليونان؛ وإنما تركز اهتمامه على الإنسان، وعكف على مجتمعه باحثًا في أزماته وقضاياه التي تمس حياة المواطن. وعاد إلى تراث بلاده، ومن ذلك خرج بأفكاره الإصلاحية التي تركز على الفرد والمجتمع[9]

- وفى اليونان كان "أرسطو" المفكر اليوناني الشهير، من أكثر مفكري اليونان أثرا في الفلسفة الاجتماعية، ويرجع ذلك إلى عمق تفكيره ونظرته النافذة إلى ما يسمى بالعمليات الاجتماعية. كما كان له السبق في بحثه عن أسس العلاقات السياسية والاجتماعية. 

ويعتبر كتابة السياسة مدخلاً لدراسة الظواهر الاجتماعية [10] ومن أهم أفكار "أرسطو" ما قرره من أن الإنسان حيوان اجتماعي أو كائن اجتماعي، وقد استمد "أرسطو" من هذه القضية ضرورة دخول الإنسان في علاقات اجتماعية، أما سقراط فقد عالج السلوك الأخلاقى من خلال تناوله لفكرة خلود الروح وربط بين سعادتها وبين الفضيلة [11]، ويلاحظ أنها ذات الفكرة المصرية القديمة التى ربطت السعادة في الآخرة بالسلوك المستقيم في الدنيا، ومن بعده جاء تلميذه أفلاطون الذى رأى " أن المجتمع البشري هو حاجة طبيعية، فالفرد لا يمكن أن يحيا إلا في مجتمع سواء كان هذا المجتمع هو الأسرة أو المدينة. 

ويقول "أفلاطون" أن المجتمعات تطورت من البساطة إلى التعقيد بفضل نظام تقسيم العمل والتخصص الذي قاد المجتمع إلى الاتجاه نحو تصدير الفائض لديه من سلع، واستيراد ما يحتاجه مما يدفعه نحو إقامة علاقات تبادل تجاري (مع المجتمعات الأخرى)[12]

ثانيا : الفكر الاجتماعى عند علماء العرب والمسلمين

بدأت هذه المرحلة في القرن السابع الميلادى وامتدت إلى ما يقرب من سبعة قرون، وخلال هذه الفترة دارت أفكار المفكرين العرب حول طبيعة العلاقة بين الفرد والمجتمع ، فمنهم من تحدث عن حاجة الأفراد إلى الاجتماع والعيش سوية للمحافظة على وجوده، مثل الجاحظ، إذ قال: (أنَّ حاجة الناس بعضهم إلى بعض صفة لازمة في طبائعهم وخلقهم وقائمة في جواهرهم) [13] وهى رؤية ليست ببعيدة عن رؤية ابن خلدون الذى أرجع طبيعة الإنسان إلى الاجتماع والتعاون من أجل البقاء، مؤكداً ضرورة وجود وازع يجمع بينهم ويدافع عنهم لصد الاعتداءات الخارجية ومنع الظلم الذي يقع عليهم. [14]

 ويعد تعريف ابن خلدون من التعريفات المبكرة لعلم الاجتماع، والذى عرف «علم الاجتماع» تحت مسمى "علم العمران" بأنه: (ما يَعْرِض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال مثل التوحش والإيناس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض.. وما ينشأ من ذلك من المُلك والدول ومراتبها.. وما يقوم به البشر من أعمال الكسب والمعاش والعلوم والصنائع).. [15] وإذا كان علماء الاجتماع يقسمون علم الاجتماع إلى مرحلتين هما: الفكر الاجتماعي، وعلم الاجتماع.. فإن ابن خلدون يعتبر نموذجا لحلقة الوصل بين هاتين المرحلتين.

يتحدث الفارابي في القسم الثاني من كتاب "أهل المدينة الفاضلة" (القسم الاجتماعي) عن بيان الحاجة إلى الاجتماع البشري، أي حاجة الإنسان إلى أخيه الإنسان في إشباع متطلباته الأساسية والاجتماعية والروحية، علماً بأن إشباع هذه المتطلبات يعتمد على توافر القوام المادي والكمال المعنوي في المجتمع الإنساني الذي تحدث عنه الفارابي. ولا شك أنه رجع في هذا الصدد إلى القضية الأساسية لأرسطو وهي أن الإنسان مدني بالطبع ، وهو بفطرته محتاج من الناحيتين المادية والمعنوية إلى أشياء كثيرة ليس في وسعه أن يستقل بأدائها ولا يقوى على تحقيقها منفرداً حيث قال:" وكل واحد من الناس مفطور على أنه يحتاج في قوامه وفي أن يبلغ أفضل كمالاته إلى أشياء كثيرة لا يمكنه أن يقوم بها كلها وحده، بل يحتاج إلى قوم يقوم له كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه ، وكل واحد من كل واحد بهذه الحال .. ولهذا كثرت أشخاص الناس فحصلوا في المعمورة من الأرض، فحدثت منها الاجتماعات الإنسانية [16]

وتكلم ابن رشد فى الاجتماع الكامل وشمل جوانبه المختلفة والتى بدأها بالاجتماع الكامل الذى تحققت فيه كل معانى العدالة والفضيلة والكمال وانتهى إلى أن الاجتماع الإنسانى قائم على الحاجة الاقتصادية كأساس للتجمع وقيام الأسرة والقرية والمدينة والدولة [17]، كما ساهم الكثيرون مثل ابن سينا والفارابى وابن الطفيل في إثراء هذا العلم.

ثالثا – المرحلة الوضعية لعلم الاجتماع

بدأت الملامح لعلم الاجتماع الغربى مع عصر التنوير ومهد العديد من الفلاسفة والمفكرين للعلم الذى نسب إلى أوجست كونت ومن أبرز مفكري هذه المرحلة العالم الإيطالي فيكو الذى لم يوضح حاجة الإنسان لأخيه الإنسان كما مر بنا في المرحلة الأولى وإنَّما وضع ثلاث مراحل تمر بها جميع المجتمعات البشرية خلال تطورها وهي:

1- المرحلة الأولى: وتتسم هذه المرحلة بإرجاع الأوامر والنواهي لمشيئة الآلهة .

2- المرحلة الثانية: وهى الأبطال الأشداء الممثلين في الزعماء الذين يحررون الإنسان من سيطرة الافكار الدينية.

3- المرحلة الإنسانية: في هذه المرحلة تعم المساواة وتسيطر فكرة الواجب وتوضع فيه أسس الحضارة ودعائمها [18].

وهذا التطور في نظر "فيكو" لا يسير إلى حالة مالا نهاية؛ ولكنه يسير بصورة دائرية حيث إن آخر عصر يمهد للعصر الأول ولكن بصورة أرقى، وهو بذلك يذهب إلى إن البشرية بعد أن تصل إلى العصر الثالث ما تلبث أن تتقهقر راجعة إلى العصر الأول وإن كان هذا التقهقر يتم بصورة مختلفة عما كان عليه العصر الأول، ومن ثم سمى قانونه بقانون النكوص [19] .

في إطار التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية التي كان يمر بها المجتمع الأوروبي في ذلك الوقت، نشأ علم الاجتماع كرد فعل وكاستجابة للأزمات والمشكلات الاجتماعية التي كان يمر بها المجتمع الغربي خلال مرحلة الانتقال من النظام الإقطاعي القديم إلى النظام الرأسمالي الجديد، حيث تنوعت القضايا والمشكلات الاجتماعية [20].

مع توسع المشكلات بدأ إدراك أن دراسة قضايا ومشكلات هذا العلم تحتاج هي ذاتها إلى تعريف وتحديد واضح، كما أنها تشكل مجالاً لاهتمام علوم اجتماعية أخرى؛ لذلك فقد صنف العالم الفرنسى أوجست كونت علم الاجتماع - مؤسس علم الاجتماع الغربى والذى أطلق عليه اسم سوسيولوجى - إلى قسمين رئيسيين هما:

1- الاستاتيكا الاجتماعية                2- الديناميكا الاجتماعية.


- فأما الاستاتيكا الاجتماعية فتهتم بدراسة النظم والبناء الاجتماعي من ناحية التكوين والدور في المجتمع، حيث يركز هذا القسم على الاستقرار الاجتماعي.

- بينما الديناميكا الاجتماعية فتهتم بدراسة تطور وتغير المجتمع (حيث تركز على دراسة التطور والتغير الاجتماعي.) [21] حيث يرى أن الحياة الاجتماعية تحكمها قوانين كسائر الأشياء الطبيعية .

من هنا بدأت استقلالية علم الاجتماع والاعتماد على التفسيرات العقلية في تفسر الظواهر الاجتماعية و الاعتماد على الملاحظة المنظمة في دراسة الواقع الاجتماعي.

وقد اتسع نطاق مناقشة الموضوع الاستاتيكا الاجتماعية – والذي سمى فيما بعد بـ "البناء الاجتماعي"- بظهور الاتجاه البنائي الوظيفي الذي يقوم في جوهره على تصور المجتمع كبناء مكون من أجزاء متعددة تقوم كل منها بوظيفة محددة، وتترابط ( الوظائف وتتكامل فيما بينها للمحافظة على هذا البناء.) [22]

ثم توصل أوجست كونت إلى ما أسماه قانون المراحل الثلاثة ومفاد هذا القانون: إن التفكير الإنساني في كل منحى من مناحي المعرفة بدأ بمرحلة التفكير الديني وأسماها المرحلة اللاهوتية حيث كان تفسير الظواهر يتم بإرجاعها إلى قوى غيبية خارقة، واعتبرها المرحلة الأولى.

ثم تقدم العقل البشري خطوه إلى الأمام، حيث صار يفترض وجود قوى وخواص كامنة في طبيعة الأشياء ذاتها تؤدي إلى تغيرها وحركتها وعرفها بالمرحلة الميتافيزيقية ، وأخيرا المرحلة الثالثة، وهى مرحلة التجريب، التى تؤكد على استخدام التجريب في دراسة المجتمع، والسعي لتعميم نتائج التجريب على اساس أنَّ الخبرة العامة منبعاً لها واختباراً للمعرفة، المرحلة الثانية.

أما المرحلة الثالثة والأخيرة من مراحل كونت فهى مرحلة الوضعية وهي فلسفة ترى ضرورة اعتماد العلوم الاجتماعية - شأنها شأن العلوم الطبيعية من فيزياء وكيمياء- على النتائج المستمدة من التجربة الحسية، والأبحاث التجريبية، والمنهج العلمي (وهى مرحلته).

- استخدم أوجست كونت لفظ "علم الاجتماع" في المجلد الرابع من كتابه "جوهر الفلسفة الوضعية" معتبرا أنه أكثر العلوم تعقيدا وذلك بعد أن وضع نظاما متسلسلا متطورا للعلوم یكون فیه كل علم ضروري من حیث التسلسل بالنسبة للعلم الذي يأتي بعده، تشكل الریاضیات قاعدة هذا التطور المتسلسل للعلم تأتي بعدها الفلك ثم الطبيعة أو الفيزياء ثم الكيمیاء، فعلم الأحياء أو البيولوجيا وأخيرا علم الاجتماع على قمة الهرم [23].

حدد أوجست كونت أربعة محاور لمنهج البحث الاجتماعي وهي: الملاحظة (دراسة العادات والفنون والثقافة الخاصة بمجتمع معين) والتجربة والمنهج المقارن (المقارنة بين المجتمعات) والمنهج التاريخي (دراسة التاريخ للوقوف على قواعد وأسس المجتمع الثابتة على مر العصور) [24]

وتعددت إسهامات رواد علم الاجتماع الذين ظهرت أفكارهم تباعا في تلك المرحلة ومنهم: أميل دور كايم، وماكس فيبر، وتالكوت بارسونز، وكارل ماركس، وغيرهم .

دور كايم : هو عالم فرنسي أصدر أول مجلة اجتماعية في باريس، وألّف الكثير من الكتب في علم الاجتماع وأهمّها تقسيم العمل، وقواعد المنهج في علم الاجتماع، والانتحار.

ماكس فيبر: هو ألماني الجنسية كتب عن الدين، والسياسة، والسلطة، واهتم بالرأسمالية ونشأتها، وقسّم السلطة إلى أنواع رئيسيّة هي السلطة التقليديّة، والسلطة العقلانية القانونية، والسلطة الملهمة الكرزمية، كتب في (الأسباب الاجتماعية لانحطاط الحضارة القديمة) وألف أرشيف العلوم الاجتماعية والسياسة الاجتماعية مع ورنرسومبارت، ويعد مؤلفه "الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية " أشهر أعماله، كما قدم طرحا جدیدا لعلم الاجتماع بتحدث فیه عن سوسیولوجیا الفهم، La Sociologie Compréhensive‘ وهو أكثر العلماء اهتماماً بمسألة الموضوعية في البحوث الاجتماعية، وتعتبر بحوثه في مجال الإدارة، والاقتصاد، والسياسة أهمّ المراجع للعاملين في تلك الميادين[26]

وكما اهتم علم الاجتماع بدراسة المجتمع الإنساني في كل أحواله، ثباته وتغيره، فإنه قد اهتم أيضا بدراسة بناء هذا المجتمع.

ويتكون هذا البناء من عناصر رئيسية هي:

النظم الاجتماعية المختلفة ممثلة في النظام السياسي، والنظام الاقتصادي، والنظام الأسري، والنظام التعليمي، والنظام الثقافي، والنظام الديني، وغيرها من النظم الاجتماعية.

كذلك يتكون بناء المجتمع من الجماعات الاجتماعية المختلفة مثل: الأسرة، المدرسة، النادي، الحزب السياسي. ويتكون أيضا من الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها أفراد المجتمع مثل: دور المدرس، دور الأب، دور العامل، ويتكون من شبكة العلاقات والتفاعلات الاجتماعية التي تربط بين أفراد المجتمع وجماعاته الاجتماعية؛ وقد ترتب على ذلك أن تعددت ميادين الدراسة في علم الاجتماع.

فوجدنا علم الاجتماع وقد تشعب وانقسم إلى فروع عديدة، ليدرس كل فرع منها ويختص بتحليل جانب معين من جوانب البناء الاجتماعي بحيث يغطي كل مكوناته وعناصره الرئيسية.

فنجد مثلاً فرع من فروع علم الاجتماع يهتم بدراسة الأسرة ويسمى علم الاجتماع الأسري، وفرع أخر يهتم بدراسة النظام السياسي وهو علم الاجتماع السياسي، وفرع ثالث يركز على تحليل النظم الاقتصادية وهو علم الاجتماع الاقتصادي، وهكذا.

ولكن تجدر الإشارة إلى أنه في العصر الحديث، تأثر علم الاجتماع كغيره من العلوم بظاهرة التخصص المتزايد والدقيق، وهي الظاهرة التي انتشرت مع تقدم البحث العلمي ومع التقدم التكنولوجي داخل كل العلوم الطبيعية والاجتماعية، على حد سواء.

ومن ثم وجدنا علم الاجتماع الآن يزداد تشعبا وتعددا في مجالات الدراسة داخل الفرع الواحد من الفروع التقليدية لعلم الاجتماع.

فداخل علم الاجتماع السياسي – على سبيل المثال – أصبح هناك علم اجتماع الأزمة وهو العلم الذي يركز على دراسة الأزمات والكوارث، كذلك هناك فرع دقيق داخل علم الاجتماع السياسي يهتم بدراسة منظمات المجتمع المدني، هناك أيضا علم اجتماع الشباب. 

هذا إضافة إلى فروع أخرى عديدة ذات تخصصات دقيقة، فهناك علم اجتماع الفن، وعلم اجتماع الإدارة، وعلم الاجتماع الرياضي، وعلم اجتماع المرأة، ولا ينتظر لهذا العلم أن تتوقف ميادينه عند الحد الذى وصلت إليه؛ بل إن حتمية تزايده مساوية لحتمية تزايد المشكلات الإنسانية التى تتزايد في كل الظروف المجتمعية سلبية كانت أم إيجابية‘ فازدهار المجتمعات له ظواهره الاجتماعية، تماما كأزماتها لها أيضا ظواهرها الاجتماعية، وهذ وذاك يحتاج إلى دراسات تفسره وتأول وتستخلص منه نظريات وقواعد تساعد الإنسان على فهم مجتمعة وترافق تطوره في كل خطواته.


الهوامش

[1] - د/مهدى محمد القصاص - مدخل لعلم الاجتماع - مكتبة مشالى -2010
[2] - عبدالله العبد النبالى دار الخليج للنشر والتوزيع - ط1-2019
[3] - مدخل إلى علم الاجتماع - د/ نجلاء عبد الحميد راتب - جامعة بنها - كود 511
[4] - أنتونى جدنر - ترجمة وتقديم -فايز الصباغ - مركز دراسات الوحدة العربية - ط 4 - 2001
[5] - د/ سونيا قزامل - عالم الكتب -2013
[6] - علم الاجتماع عبدالله العبد النبالى - دار الخليج 2020
[7] - مقدمة ابن خلدون - الجزء الثانى - تقديم عبد الله محمد الدرويش- دار البلخى - دمشق -2004- ط1
[8] - محمد الجوهري، المدخل إلى علم الاجتماع، سلسلة علم الاجتماع المعاصر، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية
[9] - جيمس برستيد - فجر الضمير - ترجمة سليم حسن - الهيئة العام المصرية للكتاب
[10] - مدخل إلى علم الاجتماع - د/ نجلاء عبد الحميد راتب - مرجع سابق
[11] - المرجع السابق
[12] - محمد عاطف غيث: علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية 1988
[13] - محمد علي أبو ريان: تاريخ الفكر الفلسفي من طاليس إلى أفلاطون، دار المعرفة الجامعية، ط5/ 1973
[14] - د/ التطور التاريخى لعلم الاجتماع- د/ غنى ناصر القرشى- مرجع سابق
[15] - مقدمة ابن خلدون - تحقيق عبدالله محمد الدرويش - مرجع سابق
[16] - مقدمة بن خلدون
[17] - https://ejtema3e.com/the-pioneers-of-social-thought/10-2013-07-27-21-43-54.html
[18] - الأصول الفلسفية العربية لعلم الاجتماع عند ابن رشد أحلام حميد الطانى - رسالة دكتوراه - الجزائر
[19] - مدخل إلى علم الاجتماع - د/ نجلاء عبد الحميد راتب
[20] - المرجع السابق
21] - بنها مرجع سابق
[22] - المرجع سابق
[23] - عاطف غيث، علم الاجتماع، ( 1988 )،
[24] - محمد عاطف غیث، 1986
[25] -http://alrai.com/article/10481411
[26] - نصيرة، مدخل إلى علم الاجتماع، محاضرات - كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية- جامعة محمد الصديق


المراجع :
1- د/مهدى محمد القصاص - مدخل لعلم الاجتماع - مكتبة مشالى -2010
2- عبدالله العبد النبالى دار الخليج للنشر والتوزيع - ط1-2020
3- مدخل إلى علم الاجتماع - د/ نجلاء عبد الحميد راتب - جامعة بنها - كود 51
4- أنتونى جدنر - ترجمة وتقديم -فايز الصباغ - مركز دراسات الوحدة العربية - ط 4 - 2001
5- د/ سونيا قزامل - عالم الكتب -2013
6- مقدمة ابن خلدون - الجزء الثانى - تقديم عبد الله محمد الدرويش- دار البلخى - دمشق -2004- ط1
7- التطور التاريخى لعلم الاجتماع - د/ غنى ناصر القرشى- جامعة بابل
http://www.uobabylon.edu.iq/uobColeges
8- محمد الجوهري، المدخل إلى علم الاجتماع، سلسلة علم الاجتماع المعاصر، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية
9- جيمس برستيد - فجر الضمير - ترجمة سليم حسن - الهيئة العام المصرية للكتاب
10- محمد عاطف غيث، علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية 1988
11- محمد علي أبو ريان: تاريخ الفكر الفلسفي من طاليس إلى أفلاطون، دار المعرفة الجامعية، ط5/ 1973
12- د/ التطور التاريخى لعلم الاجتماع- د/ غنى ناصر القرشى- مرجع سابق
13- مقدمة ابن خلدون - تحقيق عبدالله محمد الدرويش - مرجع سابق
14- الأصول الفلسفية العربية لعلم الاجتماع عند ابن رشد أحلام حميد الطانى - رسالة دكتوراة -الجزائر https://www.politics-dz.com

مواضيع ذات صلة

Previous
Next Post »