ربما لن نختلف كثيرا حول اعتبار الفقر أحد أبرز الظواهر المعقدة، التى تواجهها المجتمعات كافة - على اختلاف وتباين ظروفها الاقتصادية - وربما زللنا منطقا إذا ما استثنينا مجتمعا ما أو نزهناه عن تلك الظاهرة، فالفقر ظاهرة لم يسقطها التاريخ فى أيٍ من أزمنته الغابره؛ وإنما يختلف الفقر فى مفهومه وتأثيره باختلاف البلدان والثقافات والأزمنة، ومن حيث وجهة تناوله، فإذا كان علماء الاجتماع، قد تناولوا الفقر من خلال التركيز على الأبعاد الاجتماعية؛ فإن علماء الاقتصاد قد تناولوه من خلال المعايير الكمية وارتباطها بعملية التنمية ومعدلاتها، فكما أن الفقر نتيجة لضعف معدلات النمو الاقتصادى؛ فإنه أيضا سببٌ في تعطيل هذا النمو، وعلى الرغم من أنه لا يوجد مقياس واحد للفقر .. إلا أن مختلف التعاريف قد دارت حول محورین أساسين، أولهما اقتصر على مجرد إشباع الحاجات الضروریة للإنسان والتى من شأنها أن تبقيه على قید الحیاة، ومنه مقياس الفقر المطلق الذى یعبر عنه تقریر التنمیة الدولیة بوصفه الحالة التي یستطیع معها الناس مجرد البقاء، والبقاء فقط ، حیث تكون وجبة الطعام القادمة مسألة حیاة أو موت، في حین تخطى المحور الثاني مجرد متطلبات البقاء على قيد الحياة لیشمل أشیاءً أخرى، انطلاقا من أن الإنسان لیس مجرد كائن بیولوجي، بل هو أیضا كائن اجتماعي یؤثر و یتأثر بما حوله، ويكمن الفرق بين المحورين في اعتبار أولهما الحاجة البيولوجية أساسًا للقياس، بينما يعتبر الثانى أن الإنسان ليس مجرد كائن بيولوجى؛ وإنما له احتياجات أخرى لا تقل أهمية عن حاجاته البيولوجية، غير أنه من الممكن الاتفاق على أن الفقر هو ببساطة، عدم القدرة على توفير الحد الأدنى من مستوى المعيشة المطلوب والمرغوب فيه اجتماعياً ومعنويا..
وعليه فإن للفقر خصائص وأسبابًا، فمن خصائصه، الفقر التعليمي، حيث أثبتت الدراسات أن 61% من الأسر الفقيرة يعولها أمّى[1]، كما أن عدم تنوع مصادر الدخل من خصائص الفقراء في مصر أيضا، حيث ثبت أن 42,9% من الدخل يعتمد على الأجور[2]، وكذلك طبيعة النشاط الاقتصادى إذ يتركز الفقر في مناطق النشاط الزراعى؛ حيث يتركز 80% من السكان فيتسع معدل الفقر في هذا القطاع لأكثر من الثلث[3] ، وفى دراسات أخرى كانت قلة التنمية هى السبب الأول إذ يصل الفقر في بعض قرى الصعيد إلى 80% و 100% احيانا[4]، وهو ما التفتت إليه الحكومة المصرية فى الآونة الأخيرة، وللفقر أسباب عديدة، خارجية وداخلية، فالخارجية مثل الحروب والصراعات والكوارث، والداخلية مثل الزيادة السكانية، وارتفاع نسبتى الإعالة والبطالة، والأمية، والخصوبة إضافة إلى أسباب أخرى.
وكثيرة هى الدراسات التى تناولت قضية الفقر في مصر من حيث طبيعة المشكلة، وتطورها و من حيث خصائص الفقراء وتوزيعهم الجغرافي، وسياسات مكافحة الفقر. والسياسات الحكومية المؤثرة في الظاهرة. وفى هذا البحث نتناول المشكلة من حيث الأسباب المسئولة عنها "أسباب الفقر في المجتمع المصرى"
ويأتى هذا البحث على محورين:
1- المفاهيم والمصطلحات
2- أسباب الفقر في المجتمع المصرى
المحور الأول
المفاهيم والمصطلحات
مفهوم الفقر لغة واصطلاحا:
الفقر في اللغة: الفَقْرُ: العَوَز والحاجة، والفَقِيرُ من الناس: من لا يملك إِلاَّ أقل القُوت.[5]
الفقر اصطلاحا: هو حالة من الحرمان المادي التي تتجلى مظاهره في انخفاض استهلاك الغذاء، وتدني الحالة الصحية والمستوى التعليمي والوضع السكني وفقدان الاحتياطي أو الضمان، لمواجهة الحالات الصعبة كالمرض والإعاقة والبطالة والكوارث والأزمات [6][7].
والفقر في مفهومه العام، هو عدم مقدرة الشخص على توفير الدخل اللازم لتلبية الحاجات الأساسية (الغذاء، المأوى، الملبس، التعليم، الصحة، والنقل)، التي تمكنه من أداء عمله بصورة مقبولة .
وقد اعتبر البنك الدولي أن الدول التي يقل معدل دخل الفرد السنوي فيها عن 600 دولار أميركي، دولاً فقيرة، ثم خفض هذه القيمة إلى 400 دولار أو ما يوازيها من العملات الأخرى العام 1992[8]
** مدارس قياس الفقر[10] ، [11]،[12]:
1- المدرسة المطلقة: وتضع حداً أدنى لمستوى الدخل الضروري الذي يجب على كل فرد احرازه لتحقيق مستوى معيشي معقول (حد الفقر) ويصف كل من يقع دون ذلك بالفقير، وفى وصف نادية حسن (الفقر وقياسه 2004) أن هناك مقاييس مطلقة للفقر لا توجد عليها اعتراضات، فمن المقبول بصفة عامة أن الفقراء في المجتمع هم أولئك الأفراد غير القادرين على اكتساب ضروريات الحياة، و الفقر من خلال هذا المنظور هو حالة اقتصادية اجتماعية يكون فيها الأفراد غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الإنسانية الأساسية.
2. المدرسة النسبية: يعني أن الفقر سياقي وعرضة للمعايير المتغيرة بتغير المواقف فالفقر ليس هو في كل مكان، وليس هو نفسه في أي مجتمع من فترة تاريخية لأخرى. هكذا لا يمكننا أن نفرض المعايير الماضية على الأوقات الحالية [9]. وفى تعريف آخر: أن المدرسة النسبية تتعامل مع الفقر النسبي والذي يربط خط الفقر بمعدل توزيع الدخل بين السكان، حيث يكون الـ 20 -25% من سكان المجتمع الأقل دخلا هم الفقراء.
** وهناك طرق أخرى أكثر تعقيداً لقياس الفقر تستخدم
سلسلة كاملة من المؤشرات الاجتماعية والمعيشية والصحية، مثل: الغذاء ، التعليم ، الصحة،
المسكن ، توفر مياه الشرب ، وتوفر المرافق الصحية في المجتمع.
منظومة مؤشرات الفقر: وقد صنفها (أوزال عبد القادر) في ستة مؤشرات:
1- الفقر المطلق: يعرف بأنه الحالة التي لا يستطيع
فيها الإنسان عبر التصرف بدخله، الوصول إلى الحاجات الأساسية المتمثلة بالغذاء والمسكن
والملبس والتعليم والصحة والنقل.
2- الفقر المدقع: يعرف بأنه الحالة التي لا يستطيع
فيها الإنسان عبر التصرف بدخله، الوصول إلى إشباع الحاجة الغذائية المتمثلة بعدد معين
من السعرات الحرارية التي تمكنه من مواصلة حياته عند حدود معينة.
وقد تم التمييز بين نوعين من خطوط الفقر:
• حد الفقر المطلق: يعرف بأنه إجمالي تكلفة السلع
المطلوبة لسد هذه الاحتياجات سواء للفرد أو للأسرة، وفق نمط الحياة القائمة في المجتمع
المعني وبحدوده الدنيا.
• خط الفقر المدقع: ويمثل كلفة تغطية الحاجات الغذائية سواء للفرد أو الأسرة، وفق النمط الغذائي السائد في المجتمع المعني وبحدود معينة.
وقد وضع البنك الدولي رقمين قياسيين يستندان إلى
الحد الأدنى من الاستهلاك، ومستوى المعيشة، لقياس الفقر على المستوى العالمي بصورة
عامة، والدول النامية بصورة خاصة على أساس أسعار الولايات المتحدة الأمريكية لعام
1985، فالحد الأدنى للدخل هو 275 دولار للفرد سنوياً، وهو ما أسماه البنك بالفقر المدقع،
والحد الأعلى للدخل هو 370 دولار للفرد سنوياً، وهو ما أسماه البنك بالفقر المطلق.
3- نسبة الفقر: تعرف بأنها نسبة السكان تحت خط الفقر
إلى إجمالي السكان، وهذه النسبة تقيس الأهمية النسبية للفقراء سواء كان ذلك على مستوى
الأفراد أم على مستوى الأسر.
4- فجوة الفقر: يقيس هذا المؤشر حجم الفجوة الإجمالية
الموجودة بين دخول الفقراء وخط الفقر أو مقدار الدخل اللازم للخروج من حالة الفقر إلى
مستوى خط الفقر المحدد.
5- شدة الفقر:
يقيس هذا المؤشر التفاوت الموجود بين الفقراء، ويمكن حسابه باعتباره يساوي الوسط الحسابي
لمجموع مربعات فجوات الفقر النسبية للفقراء كافة.
6- معامل جيني: يستخدم هذا المعامل كمؤشر لقياس التفاوت في توزيع الدخول ما بين جميع السكان فقراء وغير فقراء. [10]
المحور الثانى
أسباب الفقر في مصر وتشابك علاقاته
مازالت مشكلة الفقر تشكل إحدى التحديات الأساسية
التي تواجه مصر، إذ تمثل عقبة رئيسية أمام تحقيق معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي،
وتحقيق التنمية المستدامة، كما يشكل الفقر والحرمان خطرًا على السلام الاجتماعي والاستقرار
السياسي والأمني.
وبالرغم من تبنى الحكومات المتعاقبة لقضية تخفيض
معدلات الفقر والحد من آثاره، والتأكيد الدائم على استهداف الفقراء والفئات المهمشة،
والعمل على تحسين مستوى معيشتهم، إلا أن كثيرًا من هذه الجهود لم تؤت ثمارها، ولم تنجح
معدلات النمو الاقتصادي في تخفيض معدلات الفقر، لأن النمو لم يرتبط بالتوزيع العادل
لثماره. كما واكب النمو الاقتصادي نموًا في التوظيف لكنه لم يكن كافيًا لاستيعاب البطالة،
كما كانت معظم الوظائف في القطاع غير الرسمي، ونتيجة لذلك تفاقمت مشكلة البطالة، لذلك
ازدادت معدلات الفقر تباعًا
إلى جانب ذلك لم يتم إطلاق منظومة متكاملة للحد من الفقر، ولم تساعد البرامج الحكومية التي تهدف إلى الوفاء بالحد الأدنى من الحماية الاجتماعية في التخفيف من حدة الفقر، حيث كانت تعاني من إهدار الموارد المادية نتيجة لعدم الكفاءة، بالإضافة لعدم دقة الاستهداف، وتسرب المزايا إلى غير الفقراء. [11]
وتشير التقديرات وفقًا لبيانات بحث الدخل والإنفاق
والاستهلاك عن مستوى الفقر في مصر عام 2015 ، إلى أن نسبة السكان تحت خط الفقر بلغت
27,8% وهو ما يعني وجود نحو 25.4 مليون فقير لا يمكنه الحصول على احتياجاته الأساسية
ويرصد الجدول التالي :
وأصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء،
تقريره عن بحوث الدخل والإنفاق، الذي يصدر كل عامين، معلنًا ارتفاع نسبة الفقراء إلى
32.5% في عام 2017/2018 مقارنة بـ 27.8% في البحث الصادر عام 2015، كما قد أصدر البنك الدولي بيانا فى شهر مايو 2019، قال
فيه إن نحو 60 % من سكان مصر إما فقراء أو عرضة للفقر.
كما كشفت
نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك للأسر
المصرية التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة
العامة والإحصاء، انخفاض نسبة الفقر المدقع
بإجمالي الجمهورية في عام 2019/ 2020 إلي نحو 4.5% مقابل 6.2% في عام2017/
2018. وأن نسبة الفقر المدقع انخفضت في عام 2019-2020 عن عامي 2017/ 2018 وكذلك عن نسبتها فى 2015.**
وتتشابه خصائص الفقر وأسبابه في أمور تجمع بينهما كخصائص ومسببات في نفس الوقت ومنها: الأمية أو نقص التعليم، نقص الخدمات الصحية، اللامبالاة وغياب الإنتاجية، وفيما يلى نعرض لبعض خصائص الفقر:
- الحالة التعليمية: يتوزع الفقر وفقًا للحالة التعليمية على النحو التالي ( النسبة من الإجمالى):- بلغت نسبة الفقراء من الحاصلين على شهادة أعلى من الجامعية عام 2015 ، نحو 3 % - بلغت نسبة الفقراء من الحاصلين على شهادة جامعية عام 2015 ، نحو 7 %
- بلغت نسبة الفقراء من الحاصلين على شهادة فوق المتوسط
عام 2015 ، نحو 12 %
- بلغت نسبة الفقراء من الحاصلين على شهادة ثانوي
فني عام 2015 ، نحو 22 %
- بلغت نسبة الفقراء من الحاصلين على شهادة ثانوية
عامة عام 2015 ، نحو 16 %
- بلغت نسبة الفقراء من الحاصلين على شهادة إعدادية/ابتدائية
عام 2015 ، نحو 30 %
- بلغت نسبة الفقراء من الحاصلين على شهادة محو أمية
عام 2015 ، نحو 36 %
- بلغت نسبة الفقراء الأميين عام 2015 ، نحو 40
% من الإجمالي
ومن خلال المؤشرات السابقة يتضح أن العلاقة قوية بين ارتفاع مستوى التعليم، وبين انخفاض معدلات الفقر، حيث إن التعليم المنخفض أكثر ارتباطًا بمخاطر الفقر في مصر، حيث تتناقص مؤشرات الفقر كلما ارتفع مستوى التعليم، فنجد أن 40 % من الأميين فقراء، مقابل 7% من الجامعيين، 12 % لحاملي الشهادة فوق المتوسطة، 22% لحاملي الشهادة الثانوية الفنية.
ولا يؤدي التعليم المتدني إلى زيادة احتمالات الفقر فقط ولكنه يسهم أيضًا في توارثه عبر الأجيال، حيث يرفع التعليم ذو الجودة المنخفضة احتمالات تسرب أبناء الطبقة الفقيرة من التعليم، ليلتحقوا مبكرًا بسوق العمل دون اكتساب المهارات الكافية للحصول على عمل بأجر مرتفع ومخاطر أقل، وبالتالي يلتحقون بأعمال هامشية لا تدر دخلا كافيًا، وإذا تمكنوا من تكوين أسرة لا يستطيعون تأمين احتياجاتها الأساسية ليستمر توريث الفقر عبر الأجيال. [12]
التفكك الأسري وزيادة الطلاق: لقد أثبتت كثير من الدراسات أهمية العوامل الاقتصادية في الحياة الاجتماعية للأفراد حيث أن انخفاض المستوى الاقتصادي للأسرة يمكن أن تنعكس آثاره على كثير من الجوانب المعيشية الأخرى كالتعليم، الصحة... الخ، ويمكن أن يمتد هذا التأثير إلى مستوى عمليات التفاعل الاجتماعي بين أفراد الأسرة... فقد يكون فقدان القدرة على المكسب مثلا من العوامل التي تخلق التوترات في العلاقات الأسرية وأيضاً في المكانة الاجتماعية التي تحتلها الأسرة ككل والمكانة الاجتماعية التي يحتلها المسئول الأول في الأسرة على توفير الدخل، فغالباً ما يكون الدخل الذي يحصل عليه الزوج جزءاً من الصورة التي تحملها الزوجة عن زوجها، وانعدام القدرة على التكسب نتيجة المرض أو البطالة يحجب جزءاً من هذه الصورة ويهز ملامحها ويضعف الحب بين الزوجين وقد أظهرت كثير من الدراسات أن الأزمات الاقتصادية العنيفة وبطالة الزوج تؤدي في كثير من الحالات إلى زيادة في مشكلات الأسرة... والواقع أن فقدان الزوج لمنصب شغل يمكن أن يحدث انعكاساً على مستوى العلاقة بين الزوجين يمكن أن تصل على حد الطلاق [13]
تدني المستوى الصحي: يرتبط المرض وبصفة خاصة أنواع منه بحالة الفقر التي تكون عليها الأسرة والمجتمع وذلك لقلة الموارد من جهة ولضعف الوعي من جهة أخرى ولقصور التغذية من جهة ثالثة، أو لما ينشأ عنها من ظروف ويتصل بها من ملابسات تؤدي كلها إلى انعدام الصحة وقائياً أو علاجياً... وسوء التغذية ونقص السعرات الحرارية والفيتامينات واعتلال الصحة بالإضافة إلى أمراض الجهاز التنفسي وأمراض الجهاز الهضمي والتي أثبتت العديد من التقارير الصحية والتنموية العالمية صلتها الوثيقة بالفقر، كما أن التفاعلات بين البيئة والصحة والفقر تفاعلات ذات دلالات واضحة فالتلوث البيئي (قذارة المياه والهواء) يعتبر مساهماً رئيسياً في الإصابة بالإسهال وأمراض الجهاز المعوي وأمراض الجهاز التنفسي وهي أكبر أسباب الوفاة شيوعاً للنساء والأطفال الفقراء حسب ما جاء في كثير من تقارير الأمم المتحدة ووكالاتها المخصصة منذ عام (1990م- 2003م)
أسباب أخرى للفقر في مصر
زيادة حجم الأسرة: حيث تشير المؤشرات الأخيرة إلى
زيادة نسبة الفقراء مع زيادة حجم الأسرة، على النحو التالي عام 2015 [14]:
- بلغت نسبة الفقراء 6 % فقط في الأسر التي بها أقل
من 4 أفراد
- بلغت نسبة الفقراء 20 % في الأسر التي بها 5 أفراد
- بلغت نسبة الفقراء 44 % في الأسر التي بها 7 أفراد
- بلغت نسبة الفقراء 65 % في الأسر التي بها 9 أفراد
- بلغت نسبة الفقراء 75 % في الأسر التي بها أكثر
من 10 أفراد
وهنا يجب الربط بين انخفاض مستوى التعليم وحجم الأسرة، فكلما زاد عدد أفراد الأسرة، زادت
نسب التسرب من التعليم، وبالتالي زادت معدلات الفقر في المجتمع المصري.
نوع النشاط الاقتصادى: حيث أثبتت الدراسات أن هناك ارتباط وثيق بين الاستقرار في العمل والحالة المادية، إذ أن 37.6% من الفقراء المشتغلين يعملون عمل غير دائم، مقابل 62.4% يعملون عمل دائم. [15]
وتصل النسبة إلى 19.5% بين غير الفقراء الذين لا
يعملون عمل دائم، بينما 80.5% من غير الفقراء المشتغلين يعملون عمل دائم
طبيعة المجتمع وخلفيته الحضارية: و المتمثلة فى عراقته الحضارية وقدرته على تنظيم أعماله وإدارة ثرواته [16]
وربما ما اعترضه من تحديات تاريخية كالحقب الاستعمارية، كفترة الاحتلال العثمانى لمصر، على سبيل المثال [17]
تدنى الأجور: حيث إن انعدام الدخل أو انخفاضهُ يعتبر أحدّ مسببات الفقر،[18] فبالرغم من أنّ البطالة والفقر مشكلتين مترابطتين إلّا أنّ البنك الدولي نفى أن تكون البطالة هي السبب الأساسي للفقر، بل أن وصول الفرد إلى حالة الفقر قد يكون بسبب انخفاض الأجر وما يترتب عليه من تبعات، حيث أشار البنك الدولي في دارسة له في إحدى الدول العربية إلى أنّ 6% فقط من مجموع الفقراء فيها همّ من المتعطلين عن العمل [19]
ويعتبر كل ما سبق من الأسباب الداخلية المتعلقة بالفرد
والمجتمع، ومن الأسباب الخارجية:
الكوارث والحروب والصراعات الدولية: أثبتت كل التجارب
الإنسانية أن للكوارث والحروب والصراعات الدولية آثارا مدمرة فى النواحى الحياتية
للشعوب من خلال ما يترتب عليها من تهجير ولاجئين ومخيمات وفقدان للعمل والممتلكات والاستقرار، وكلها من الأسباب القوية للفقر إذ إنها تحرم الشعوب من فرص التنمية والتطوير .
هذا بالإضافة إلى العديد من الأسباب الأخرى مثل:
انخفاض معدل النمو الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم
الاقتصادي خلال فترة الأزمات، ارتفاع معدل النمو السكاني، ارتفاع الفجوة الاقتصادية
بين أفراد المجتمع الواحد في مستوى الدخل، التعرُض للحالات المفاجأة مثل الأزمات اقتصادية،
أو الكوارث الطبيعية، أو الفقر البيئي.
وهناك أسباب أخرى تتعلق بأنواع محددة من الفقر مثل:
- الفقر الدورى: ولا ينطبق هذا النوع على المجتمع
المصرى بأكمله بل يكون بين فئة من السكان تتعثر - أو تتوقف - أعمالهم بشكل موسمى (خلال
فترة زمنية محدودة)، حيثُ ينتج عن ذلك انخفاض موسمى في القدرة على توفير الحاجات الأساسية
لحياتهم؛ نتيجة لهذا التعثر أو التوقف .
ومما سبق نلاحظ أن:
- كما أنه هناك تشابه بين بعض خصائص الفقر ومسبباته؛ فإن هناك علاقة ارتباط بين الأسباب والنتائج المترتبة عليها ..
- فكما أن
بعض المشكلات الاقتصادية تتسبب الفقر؛ فإن
الفقر يسبب بعض المشكلات الاقتصادية ويصبح كلاهما سببا فى الآخر.
- نقص التعليم قد يكون بسبب الفقر وسببا له فى نفس
الوقت .
- سوء الأحوال الصحية: قد يكون بسبب الفقر وقد يكون
نتيجة له.
وهو ما يؤكد على أن الفقر مشكلة متعددة الأبعاد، تدور فى دائرة من العلاقات المتشابكة والمعقدة فى كل المجتمعات وليس فى المجتمع المرى فقط، وأن هناك عوامل وأسباب مشتركة بين المجتمعات، وأن هناك عوامل أخرى لها خصوصيتها المجتمعية أو الأسرية أو الفردية .
نتائج البحث:
مما سبق نخلص إلى النتائج الآتية:
- الفقر: عدم القدرة على توفير الحد الأدنى من مستوى
المعيشة المطلوب والمرغوب فيه اجتماعياً ومعنويا..
- أن هناك مدارس لقياس الفقر تعتمد القياس الكمى
وأخرى تعتمد القياس النوعى
- قد تتشابه بعض خصائص الفقر ومسبباته
- أنه إذا كانت بعض المشكلات الاقتصادية تتسبب الفقر؛ فإن الفقر يسبب بعض المشكلات الاقتصادية
ويصبح كلاهما سببا فى الآخر.
- أن نقص التعليم قد يكون بسبب الفقر وسببا له فى
نفس الوقت.
- أن سوء الأحوال الصحية: قد يكون بسبب الفقر وقد
يكون نتيجة له.
- أن الفقر مشكلة متعددة الأبعاد، تدور فى دائرة
من العلاقات المتشابكة والمعقدة فى كل المجتمعات وليس فى المجتمع المرى فقط، وأن هناك
عوامل وأسباب مشتركة بين المجتمعات، وأن هناك عوامل أخرى لها خصوصيتها المجتمعية.
- أن أسباب الفقر فى المجتمع المصرى متعددة ومنها:
- عجز البرامج الحكومية عن تحقيق التنمية المستهدفة
التى تواكب الزيادة السكانية
- زيادة حجم الأسرة
- البطالة وارتفاع نسبة الإعالة
- نقص التعليم والخدمات الصحية
- طبيعة ونوع النشاط الاقتصادى
المراجع:
- المعجم الوسيط
- تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ( خصائص
الفقراء فى مصر 2011)
- تقرير الجهاز المركزة للتنمية والاحصاء 2015
- تقرير التنمية البشرية مصر، 2016 - الجهاز المركزى للتنمية والاحصاء
- تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية 2016
- مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
- محاضرات
د/ نسرين هنداوى
- الفقـر أسبابه و آثاره ، مجلة كلية التربية الأساسية
للعلوم التربوية والإنسانية، العدد 36
- السياسات الاقتصادية الكلية ودورها في الحد من
الفقر"، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، العدد 1، المجلد
25- صابر بلول (2009)
- معضلة الفقر: آثارها ومظاهرها، سامية، قطوش، جامعة
الجزائر
- أوزال عبد القادر، ملاحظات حول الفقر في العالم - كلية الاقتصاد(جامعة البليدة) - بدون سنة نشر - نادية جبر عبدالله حسن الفقر وقياسه
- ط 1 - دار فرحة للنشر والتوزيع 2004
- دائرة الإحصاءات العامة الأردنية
- د/ عبدالهادي
يموت، عميد سابق لكلية العلوم الاقتصادية وإدارة الاعمال الجامعة اللبنانية - مجلة
الدفاع الوطنى اللبنانى - العدد 64
- مركز
المعلومات الوطنى الفلسطينى
- http://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=3217
- البنك الدولى ، مشروع تنمية المناطق الريفية
2014
- الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء 2017- 2018
الهوامش:
[1] - الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء،
- خصائص الفقراء في مصر- سبتمبر 2011
[2] - الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء،
- خصائص الفقراء في مصر- سبتمبر 2011
[3] - البنك الدولى - مشروع تنمية المناطق الريفية
- اغسطس 2014 - ص 4
[4] - الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تقرير
2017- 2018
[5] - نسرين هنداوى
[6] - المعجم الوسيط
[7] - دائرة الإحصاءات العامة الأردنية
[8] - د/
عبدالهادي يموت ، عميد سابق لكلية العلوم الاقتصادية وإدارة الاعمال الجامعة اللبنانية
- مجلة الدفاع الوطنى اللبنانى - العدد 64
[9] - مركز
المعلومات الوطنى الفلسطينى - http://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=3217
[10] - نادية
جبر عبدالله حسن الفقر وقياسه - ط 1 - دار فرحة للنشر والتوزيع 2004
[11] - المرجع
السابق (نادية حسن 2004)
** - جريدة المال -2020/12/3
[12] - أوزال
عبد القادر، ملاحظات حول الفقر في العالم
- كلية لاقتصاد(جامعة البليدة) - بدون
سنة نشر .
[13] - تقرير
الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية 2016 - مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
[14] - الجهاز
المركزة للتنمية والاحصاء 2015، تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية
- مركز الأهرام للدراسات 2016
[15] - سامية،
قطوش: معضلة الفقر: آثارها ومظاهرها، جامعة الجزائر
[16] - تقرير
التنمية البشرية مصر، 2016 - الجهاز المركزى
للتنمية والاحصاء.
[17] - تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية 2016 - مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
[18] - "الفقـر أسبابه و آثاره ، مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية، العدد 36
[19] - صابر بلول (2009)، "السياسات الاقتصادية الكلية ودورها في الحد من الفقر"، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، العدد 1، المجلد 25